ناشط عقوقي - بريس تطوان - أخبار تطوان

ناشط عقوقي

إن الرجل الذي ينظر إليه أتباعه على أنه ولي ،يكون في الحقيقة شر الدجالين، يلعب بحياة الناس كطفل يلعب بحصاه. فلاديمير باراطول

في مقر الجمعية الحقوقية التي يترأسها السيد حسام النعامي يبذل قصارى جهده للدفاع عن حقوق الانسان وحقوق المرأة بصفة خاصة، فالمرأة في رأيه كائن رقيق ولطيف عليه أن يتمتع بحقوقه كاملة دون ظلم أو تمييز.

يتحدث مع أحد المنابر الإعلامية بكل فخرعن جمعيته العتيدة، وعن القيم الإنسانية والكونية التي يؤمن بها ويحرص على تطبيقها في حياته الشخصية والعملية، كما يذكر أيضا القضايا التي أزرت فيها الجمعية  نساء ضحايا العنف وكيف حولت جمعيته عبر قاعدتها الجماهيرية المتواجدة بقوة على مواقع التواصل الاجتماعي عدة قضايا محلية  إلى قضية رأي عام ليتم تسليط الضوء عليها وانتزاع أحكام قضائية لصالح المتضررين.

أنهى الحوار الصحفي وهم بمغادرة مكتبة، استوقفته السكرتيرة وقالت باستحياء:

أستاذ أردت فقط تذكيرك بوعدك لي بالتسجيل في الضمان الاجتماعي.

رد غاضبا:

هل هذا وقت مناسب؟ أنا مشغول الأن. ذكريني في يوم أخر بهذا الموضوع.

غادر المكتب مستعجلا وترك السكرتيرة تحدث نفسها بصحة الأقاويل التي سمعتها من الموظفة التي اشتغلت قبلها في هذا المكتب والتي أخبرتها أن حسام النعامي طردها بعد سبع سنوات من العمل معه لا لشيء إلا لأنها أصرت على تسجيلها في الضمان الاجتماعي.

ارتاد حسام النعامي  المقهى المعتاد وفي انتظار قدوم صديقه أحمد طلب بلهجة إمرة ماسح الأحذية أن يقوم بمسح حذائه، قام هذا الأخير بعمله بخفة ومهارة عندما انتهى رفع رأسه ليجد السيد حسام قد وضع في يده ثلاثة دراهم، أخذها بخيبة أمل بينما حدجه السيد حسام بنظرة صارمة قائلا: انصرف من أمامي ولا تكن طماعا.

ابتعد ماسح الأحذية وهو يلعن في سره السيد حسام فهو يعرفه منذ مدة طويلة، منذ كان طالبا ويعرف أنه طماع وكذاب أشر وجبان أيضا فكلما راه إلا ويتذكر ابنة حارتهم حورية التي كانت تربطها به علاقة ثم تخلى عنها بعدما أخبرته أنها تحمل في أحشائها جنينا، فلم تجد المسكينة أمامها حلا إلا تناول سم الفئران لتنتحر هربا من الفضيحة.

ماهي إلا دقائق معدودة حتى وصل أحمد متهلل الأسارير، ما أن سلم على حسام حتى بادره قائلا:

أرى أنك تحمل أنباء سارة؟

أجابه أحمد: أجل يا زعيم لقد وافقت الجمعية الهولندية على الدعم وضخت مبلغا مهما في حساب جمعيتنا.

بدت إمارات السرور على محيا حسام وقال لصديقه:

نتمنى أن نحصل على دعم إضافي من طرف الجمعية الأمريكية لحقوق المرأة ومن الجمعية السويسرية  لدعم النساء القرويات.

أجابه أحمد بكل ثقة:

أكيد سنحصل على الدعم ككل سنة، فأنشطة جمعيتنا شاهدة على مدى استحقاقنا لهذه المنح.

غادر حسام النعامي المقهى عائدا الى بيته، فيا لطريق عرج على بيت والدته ما أن رأته حتى عاتبته قائلة:

أسبوع كامل لا أراك يا ولدي ونحن نقطن في نفس المدينة.

اعتذر قائلا: كثرة المشاغل يا والدتي، العمل والجمعية يأخذان كل وقتي إضافة إلى الأولاد ومشاكلهم ها أنذا جئت لأطمئن عليك اليوم.

تفاجأ حسام بوجود أخته وبنتيها في منزل والدته، سلم عليها وسألها عن أحوالها وأخبرها أنه كان مع زوجها في المقهى، فأجابته:

لا تحدثني عن ذاك الجبان أقسم أني لن أسامحه هذه المرة، ساعدني لأرفع قضية الطلاق.

صعق حسام بما قالته شقيقته فأجاب باستنكار:

ماذا تريدين؟

ردت أخته بثقة: لم أعد أحتمل خياناته المتكررة، وتعنيفه لي كلما واجهته بذلك.

سألها:

كيف عرفت بخيانته؟

أتصلت بي صديقة وأخبرتني عن علاقة تجمعه بإحدى زميلاته بعد ذلك بحثت في هاتفه وعثرت على رسائل تؤكد ذلك.

صاح في وجهها مدافعا عن صديقه:

ولماذا تتجسسين على والد أبنائك، أكيد أنك لا تتعاملين معه بشكل جيد لهذا بحث عمن تعامله بشكل يليق به.

صعقت الأخت بهذه الإجابة وردت باستغراب:

إنك تتحدث كشخص جاهل، لا أصدق أنك تترأس جمعية للدفاع عن حقوق الانسان.

أجابها قائلا :

نعم أدافع عن النساء المحتاجات  للمساعدة لكن أنت أختي وتعيشين ظروفا مستقرة وأريدك أن تكملي حياتك كذلك.

ردت بعصبية أكبر:

إذا كان الاستقرار في رأيك هو الصبر على الظلم والإهانة والتعنيف، فأنا لا أريده وأريدك أن تساعدني على الانفصال.

صاح حسام بغضب:

ماذا؟ أنت مصرة على فضحي في المدينة إذن؟

توجه صوب باب المنزل قائلا لوالدته:

تحدثي إلى ابنتك لتعود إلى رشدها، وأنا لن تطأ قدمي هذا البيت مادامت هي موجودة، إذا أردت رؤيتي تعالي إلى بيتي.

دخل بيته كالثور الهائج، ما أن لمح ابنه حتى سأله:

أين أختك؟

ما زالت تدرس حصتها الأخيرة في مركز الدعم.

صب كل جام غضبه على ابنه، تابع بغضب:

ألم أطلب منك مرارا انتظارها حتى تنهي حصصها؟

سأعود لاصطحابها إلى البيت كالعادة فقط لا تغضب يا أبي.

سمعت الزوجة صراخ حسام فتدخلت لتلقي باللوم على ابنها وتهدئ من انفعال زوجها فقد كانت بارعة في لعب دور الاطفائي داخل أسرتها وفي تقريب وجهات النظر بين زوجها وبين أبنائها.

على مائدة العشاء جدد حسام النعامي لومه لابنه وكرر على مسامع ابنته كلامه الدائم بضرورة العودة مع أخيها من الثانوية ومن مركز الدعم.

في غرفة المكتب كان حسام النعامي ينهي بعض أعماله المتأخرة، دخلت زوجته تحمل فنجان القهوة قدمتها له وهي تبتسم قائلة:

لا تقنعني أن كل هذا الغضب سببه عدم انتظار ابننا لأخته.

أجابها: كنت سأخبرك بسبب غضبي لأنني سأطلب منك الحديث مع أختي  لتقنعيها بالعدول عن فكرة الانفصال عن زوجها.

أجابته: لا تخف عليها فهي دائما تهدد بالانفصال لكنها تتراجع فهي تحب زوجها وأبنائها.

أجاب بغضب: هذه المرة تبدو جادة فعلا وأنا لا أريد لأي شيء أن يربك حساباتي فالانتخابات على الأبواب، وأحمد صديقي هو من سيشرف على حملتي الانتخابية حدثيها أنت غدا فهي صديقتك وأنا سأتكلم مع أحمد ليرضيها بكل ما تطلب.

قاطعته زوجته: أختك لا تطلب شيئا سوى أن يكون زوجا مخلصا وأن يتحمل معها مسؤولية أبنائه.

رد حسام بدهاء: لكن الهدايا والأموال تغري كل النساء، أليس كذلك؟

أجابته بابتسامة عريضة: أكيد أن الهدايا والأموال لها سحرها الخاص.

أنهت حديثها معه ، تمنت له ليلة سعيدة ثم ذهبت إلى غرفة  نومها حزينة ومستاءة من حوارها مع زوجها الذي يتوهم أنه بهداياه وأمواله يشتري صمتها عن خياناته الدائمة لها في حين أنها تصمت لأنها لا تملك غير الصمت ولو كانت قادرة على التكفل بأبنائها لما صبرت على الخيانة ولو أغراها بكنوز الأرض. تتذكر بألم اكتشافها لخيانة زوجها وثورتها وغضبها، فكرت في أخذ أبنائها وترك البيت لكن إلى أين ستذهب؟ وكيف ستعيل أبنائها؟ إنها لا تتقن شيئا، لا تملك مؤهلا لتبحث عن أي عمل. لقد ارتكبت جناية في حق نفسها يوم تخلت عن دراستها الثانوية لتتزوج رغم معارضة والديها وها هي قد حصدت  نتائج طيشها وحماقتها فقد توفي والداها وهاجر أخوها الوحيد إلى كندا ولم تجد أحدا ليسندها أو يدعمها فاضطرت للبقاء في منزلها لتحافظ على أسرتها ويبقى أبنائها في نفس الوضع الاجتماعي المرموق.

إنها تغبط شقيقة زوجها على ثورتها وطلبها الانفصال فهي مستقلة ماديا وتستطيع تدبر أمرها وأمر أبنائها أما هي فليس لها سوى الخنوع وإدعاء الرضا.

في اليوم التالي كان حسام النعامي مزهوا بحكم الطلاق الذي حصلت عليه موكلته، شكرته قائلة:

لقد ساعدتني على الانتقام لكرامتي، شكرا لك أستاذ.

رد حسام مبتسما:

هذا حقك يا سيدتي، كيف تقبلين البقاء مع شخص خائن؟

ودعته وهي تقول لصديقتها: السيد حسام ناشط حقوقي فذ لهذا اخترته للدفاع عن قضيتي.

ذهبت فرحة بحريتها المنتزعة من رجل خائن ولم يدر في خلدها أن الناشط الحقوقي الذي خدعت فيه هو في الحقيقة عاق لكل القيم النبيلة التي يدعي الدفاع عليها.

لطيفة حمانو


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.