الطافية - بريس تطوان - أخبار تطوان

الطافية

الطافية

مازلتُ أقشعرُ منْ آثارِ قدميّها البارِدتين علَى صَدري ، حينما هويتُ أطعنها بمقصْ .. كانتْ صرختُها المكتومَة ومُقاومتها المسّتفزة ، تتلشَى في ظلام قلبيّ الموحش .. الساعةُ تُشيرُ إلى 01.06 ليلاً ، بردٌ قارس ، والسماءٌ تُمطر ، صوتُ المطر على النّوافذ، وصمتٌ رهيب ، يُقاطعهُ أحياناً صوتُ كلبِ أو قطار .. كانت الثواني جامدة ، لا حركة.. ، سِوى انتِظارٍ أصم .. غرفةٌ واسعة..، العتمَة تحجبُ آخرِها، والظلالُ تتراقَص حوْل محيطِ الشمّعة ..، لا يرى سوى أرْضية مُتسخة من نبيذِ مهروق، وبقايا سَجائر مُتناثرة .. رائحةُ عفن، تمّلئ المكان، تُدمِع العيون، وتخّنق الأنفاس .. والمكان يشي بشيء من التآمر، وعيونٍ مترقبة .. اجتاحتهُ نوّبة قلقٍ حادّة ..، غيْر أنه، كان مُقتنِع كل الاقتِناعِ بفِعلتِه .. سُؤال كان يتردّد في داخِلهِ دائِما : ” هل يرْتكب المرْء فِعلتهُ تلك..؟ حينما يبلغ إلى منْ كان يكابِدُ لأجلها ؟ ” طيّفها كانَ في كلِ مرةٍ يُعاودُ الظّهور..، ويعاوِدُ هو، جريمَته .. كأنهُ شريطٌ يعادُ تدويرُه في كلِ مرة .. ” طافية ” اسم لمْ يُطلق عليها أبداً، لَها عينانِ واسِعتان باتّساعِ خوْفها ..، شعْر أسْود، كَث، مُجعد، يُخيل للرائي، أنه غابَة بِالمتَهاتٍ لا تنْتهي ..، جسدٌ أنثوي، ممشوق، كأنهُ آتٍ من خيام الحِسان في جناتِ عدْن .. كانتْ تتجلّى لهُ دائِما في ليالِيه.. عَارية، مُبتَلة، بارِدَة، ومُرْتَجِفة..،أنْثاه.. شكّلها بِرَغباتِه، مارسَ علَيها كُل نَزواتِه، أذاقَها منْ حقاراتِه..، وحفّها بِحُبه و رَوحانِياته .. تلكَ هي ..، يُريدُها لدَرجةِ المحْو ..
 
| مـروان بنـفارس | | www.facebook.com/mbenfares1

 

 

 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.