عن أية مقابلة علمية يتحدثون؟
المقابلة العلمية التي يجتازها المرشحون للظفر بمنصب شغل أوللتسجيل في أحد الأسلاك التعليمية و التكوينية العالية، يستحسن أن يعاد النظر في معايير تقييمها و طريقة تنظيمها والمنهجية التي تعتمدها. وذلك تبعا للمقترحات التالية:
1- إخراج المقابلة العلمية من جو الامتحانات الروتينية التي يسودها التوتر والانفعال النفسي و الارتباك،و تقلها إلى مناخ المبادرة و إبراز الكفايات العلمية و القدرات المعرفية التي يمتلكها المرشح سواء بخصوص مشروعه العلمي المقترح أو بخصوص تجربته في ميدان التأليف والإعلام والنشاط الجمعوي وغيره من ينابيع الفن و الثقافة. إذ لا يعقل أن تبقى أنظمة جامعاتنا الوطنية في اختبار معلومات الطلبة ومكتسبات المرشحين لسلك الماستر و الدكتوراه رهينة الطرائق العتيقة التي عرفناها منذ القسم الأول- التحضيري- من التعليم الأساسي.
2- تحويل المقابلة العلمية من طابع الانفرادية السرية إلى طابعها الجماعي العلني . تماما كما تتم أشواط المحاكمة العادلة، و التي يعتبر فيها عنصر العلنية أكبر عامل يحقق لها شرط عدالتها و موضوعيتها و نزاهتها القانونية. ذلك أن العديد من هذه المقابلات تعرف انحرافات تارة علمية و معرفية وتارة أخرى أخلاقية، حيث تنعدم فيها الشروط المهنية و العلمية التي يجب إشهارها في وجه المرشح، و تكتفي عندها رئاسة اللجنة إما بسؤال بسيط- وافهم يا الفاهم- أو بإنزال أصعب و أغرب الأسئلة التي تمتلكها لإزاحة المرشح من ميدان المنافسة.
وإذا كانت مثل هذه الممارسات و السلوكيات اللامسؤولة نشيطة في عالم المال و الاقتصاد، فإنه يحز في نفوسنا كيف يجرؤ بعض منعدمي الضمائر من أساتذة و مرشحين في ميدان التربية و التعليم على حرق المراحل و استغلال الفرصة، ضاربين عرض الحائط مبدأ تكافؤ الفرص ومصلحة البلاد و مكانته في ميدان البحث العلمي بين الأمم مستقبلا.
3- أن تسفر المقابلة العلمية على تدخل كل أستاذ موجود ضمن اللجنة، حتى تقيم قدرات المرشح انطلاقا من الأسئلة الثلاثة التي تلقاها. و إلا ما النفع من هذا الكم البشري يتطلع إلى هندام ووجه المرشح ؟ ثم كيف نسمح لأستاذ واحد يستأ سد بالموقف ويستعرض أستاذيته و كأننا في مبارزة فكرية. فهل نسي الأستاذ – الحكم- موقعه ووظيفته؟
4- إطلاع المرشح على النتيجة فورا، وذلك حفاظا على مصداقية المقابلة من جهة و إعلاء لرسالة العلم من جهة أخرى، لان التأخير في إعلان النتائج لا تستقيم معناه سوى لدى المقربين و الذين أدوا فاتورة الطريق السيار.
بناء على المقترحات السابقة ، و حتى تستقيم شفافية ونزاهة المقابلة العلمية وتنعم بشروطها القانونية كاملة غير منقوصة- بشكل عام – سواء داخل فضاءات المؤسسات التعليمية أو الاقتصادية أو الأمنية أو الثقافية أو الرياضية و غيرها ، وحتى ينال لقب الدكتوراة من يستحقها ،لابد من تخليصها و تحريرها من قرار الانفرادية و إجرائها أمام عيون مرشحين آخرين شاهدين -على الأقل- على ما يجري ويدور.
فإلى متى ستظل المقابلة العلمية ملاذا لضعاف الضمائر و النفوس و طريقا معبدا للانتهازيين؟
وإذا كانت ميزة الماستر لا تشفع في التسجيل بسلك الدكتوراة ، فما النفع من الامتحانات التي تقام للطلبة والمجهودات التي يبدلونها ؟
– أبوزيد