مجرد فكرة - بريس تطوان - أخبار تطوان

مجرد فكرة

 
مجرد فكرة
 
لا أدري من أين أبدأ و لا أين أنتهي ، حياة أناس مليئة بالبذخ و الترف و وفرة الضروريات و الكماليات ، و حياة أناس يأكلون ما وجدوه مرميا بالقمامة و يفترشون الأرض ويتغطون بالسماء في الليالي الباردة.
كلّما مررت من شارع في ليلة ما إلاّ وجدت من يفترش الأرض و يحاول الاختباء من المطر تحت سقف درب ، و لكنه لا يستطيع الاختباء من البرد ، و كم منهم قد مات بسبب البرد القارص الذي يتخلل أضلاعه يوميا ، فهل من منقذ لهؤلاء من هذه الحياة الصعبة ؟ إنهم أناس يعيشون في ظروف صعبة جدا  ، ربما أحدهم خرج من قريته وجاء إلى المدينة ليعمل أو يتّجر فيها ، لكن ظروفه تغيرت و أصبح متشردا ، و ربما أحدهم جنا على نفسه بالمخدرات ، وربما أحدهم كبر سنه و لن يستطيع العمل فأصبح مطرودا من مسكنه ، وربما هي امرأة تخلى عنها أبناءها أو زوجها أو مات كل من كان يتكفل بها ، و ربما هو طفل مات  كل من كان يتكفل به ، وربما ….. وربما …. وربما….
و نحن في فصل البرد و المطر فالأحرى بنا أن نفكر في من لا مأوى لهم ، هناك مقولة مشهورة لا أدري أ هي حديث أم كلام صحابي أم تابعي 🙁 استعدّوا للبرد كما تستعدون للعدو)
فإذا ما فكرنا قليلا و تدبرنا القرآن و أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم  لوجدنا الحل لهذه المعضلة و بالأجر الوافر من الله سبحانه .
قال تعالى ((و اعبدوا الله و لا تشركوا به شيئا و بالوالدين إحسانا ، و بذى القربى و اليتامى و المساكين، و الجار ذى القربى و الجار الجنب و الصاحب بالجنب و ابن السبيل و ما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا)) و في مقام آخر قال تعالى : ((و لا تؤتوا السفهاء أموالكم التى جعل الله لكم قياما، و ارزقوهم فيها و اكسوهم و قولوا لهم قولا معروفا ))
أما الأحاديث فمنها قوله صلى الله عليه وسلم :عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي: ( لا حسد إلا فى اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل و آناء النهار، و رجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل و آناء النهار)
روى البخارى و مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه و لا يسلمه، من كان فى حاجة أخيه كان الله فى حاجته، و من فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، و من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة)
روى الطبرانى و ابن حبان و ابن أبى الدنيا عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( إن لله خلقا خلقهم لحوائج الناس ، يفزع الناس إليهم فى حوائجهم، أولئك الآمنون من عذاب الله)
فمن له القدرة و أراد أن ينجو من عذاب الله ؟  و من أراد أن يفرج الله عليه كربة في يوم القيامة ؟ ومن أراد أن يكون محبوبا عند الله ؟
ألا يوجد بكل مدينة أغنياءها ؟ ألا يتجاوز الأغنياء في كل مدينة عددا لا بأس به ؟ على الأقل عشرة أغنياء مثلا ، فإذا ما افترضنا أنّ هؤلاء الأغنياء اتحدوا مع بعضهم البعض  و تعاونوا على شراء منزل كبير يتسع لعدد لا بأس به من الناس ، و يشترون أغطية و أفرشة و لو بدون سرير  ، ويجعلونها صدقة جارية ، و يلجأ  كل من لا ملجأ له إلى هذا البيت  ، و يجعلون من ينظم و ينظف هذا المكان و يشتركون في أداء مستلزمات المكان كالكهرباء والماء والعاملين به  ،فلمثل هذا فليتنافس المتنافسون  و أجرهم عند الله سبحانه و تعالى ، و هو خير لؤلئك الذين لم تسعفهم ظروفهم على إيجاد مسكن  ليعيشوا فيه .
على كل حال هي مجرد فكرة ، و هناك من الجمعيات التي تعمل في هذا المضمار- المجال الاجتماعي-  يمكنها تحريك هذه الفكرة و تفعيلها  بالاتصال بأغنياء المدينة وطرحها عليهم ،  من الممكن جدا أن لا يقبل بعضهم هذا ، وفي المقابل هناك من يقبل ويعمل على تفعيل هذا العمل لما فيه من أجر عظيم عند رب العالمين .

الحسن بنونة


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.