اكتشاف الشاون !! - بريس تطوان - أخبار تطوان

اكتشاف الشاون !!

اكتشاف الشاون !!

ما فعله مسلسل “الصافية والحسين” الذي بثه التلفزيون المغربي – والذي تألقت فيه الممثلة المغربية الشاونية “سامية أقريو” – في المتفرج المغربي، يشبه ، والى حد بعيد، ما فعله مسلسل “مهند ونور” التركي، في المتفرجين بالدول التي بثته على قنواتها التلفزية ، فارتفع عدد الوافدين على اسطمبول من السياح الذين أقبلوا
على المعالم العثمانية بالمدينة وعلى وجه الخصوص على البيت الذي كان يقيم به مهند ومن معه، والذي حرص الزوار وخصوصا الزائرات، على أخذ صور تذكارية في حجراته وبالقرب من أسرته، حيث كان الزوار المغاربة الأكثر عددا والأحرص على عدم العودة دون تذكار يثبت مرورهم من مواطن ومشاهد رومانسية على خطى مهند ونور، حيث يغني كل على ليلاه ! ولتذهب “آياصوفيا” والمسجد الأزرق وقصر الطوب-كابي وكل المعالم التاريخية، والثقافية العثمانية، ولتذهب كل” الأستانة” الى حيث يرقد التاريخ !!
 هذا المسلسل الفريد، الناطق باللهجة الشمالية الجبلية، الى جانب مسلسل آخر مشابه هو مسلسل “بنات للا منانة”،واللذان يشكلان استثناء على القاعدة، قاعدة هيمنة لهجة واحدة على جل الانتاج التلفزي الوطني، أفرزا ظاهرة مماثلة – مع وجود الفارق في القياس- لما أفرزته الظاهرة التركية المشار اليها، بحيث أن مدينة الشاون شهدت اقبالا منقطع النظير من الزوار ورواد السياحة الداخلية في الشق الثاني من العطلة الصيفية، التي أعقبت عيد الفطر،بعد أن تم عرض المسلسل في ليالي رمضان ، وحظي بنسبة مشاهدة مهمة، وقد تبين تأثير المسلسل في اكتشاف الكثير من المواطنين والمواطنات لهذه المدينة الهادئة الجميلة،أو على الأقل، اعادة اكتشافها،ومن خلال الاقبال الكبير للزوار على زيارة دار الضيافة التي شهدت جزءا هاما من أحداث المسلسل والتي اضطر صاحبها الى اقفالها بعد أن ضاق ذرعا بكثرة الزوار الذين يريد كل واحد منهم أخذ صور تذكارية بمرافقها.
أما المدينة، فقد أخبرنا بعض الأصدقاء من أهلها، أنها كانت تنوء بحملها في هاته الفترة، بحيث أمسى من العسير ان لم يكن من شبه المستحيل، العثور على مأوى بها، وحتى المكون الغذائي الرئيسي في غذاء المغاربة الذي هو الخبز، افتقد بشكل ادى الى استغلال الوضع من طرف المضاربين الذين لجأوا الى جلبه من مدن أخرى،مما أدى الى مضاعفة ثمنه عدة مرات، مما أفسد على الكثير من الزوار عطلتهم وسياحتهم بعد افتقادهم للخبز والمبيت .. والطريف في الأمر أن المناخ الذي أفرزته هذه الظاهرة والمتمثل في تكاثر أعداد الشقق المفروشة المعدة للكراء ، كدور ضيافة، وتفضيل أصحابها تخصيصها للسياحة بدل الكراء العادي الذي كان سائدا من قبل وهو ما انعكس سلبا على الطلبة المسجلين بالاجازة المهنية التي تشرف عليها جامعة عبد المالك السعدي (كلية العلوم)، بمدينة شفشاون للسنة الثالثة على التوالي،(والتي يمكن اعتبارها ارهاصا لنواة جامعية بالمدينة)، والذين عانوا الأمرين دون أن يجدوا منزلا يستقرون فيه، مما اضطر بعضهم للنزول في بعض المآوي السياحية بالمدينة، لأن أصحاب الشقق وكما أفهمنا بعض المعنيين بالمجال، يفضلون تخصيص شققهم كدور ضيافة للسياح باليوم واليومين، بدل كرائها كراء عاديا لفترات طويلة.
 مما تقدم، يمكن أن نستخلص ملاحظتين أساسيتين :
-الأولى: ان التعددية الثقافية وغيرها.. والتي جعلت دفاتر التحملات الخاصة بتدبير القطب العمومي للاذاعة والتلفزة، تعلق في دهاليز “الهاكا”، يجب أن تأخذ في الاعتبار الخصوصية المحلية والجهوية على مستوى التعبيرات واللهجات، فالمغرب غني بتنوعه، وقوي بتعدديته، ولا يمكن القبول بأن تهيمن لهجة واحدة على كل الوصلات الاشهارية والمسلسلات التلفزية والأفلام السينمائية، سيما الممولة منها من المال العام الذي هو مال كل المغاربة، ويجب أن يستفيدوا منه بأكبر قدر ممكن من الانصاف، وتكافؤ الفرص..
-الثانية : ان السياحة الداخلية رهان أساسي لتنمية الحركة السياحية ببلادنا، وضمان الشغل الدائم للعاملين في هذا القطاع، وربما تكون أكثر ضمانا ومصداقية من السياحة الخارجية التي نستقبلها على علاتها، ولذلك، ينبغي أن يتجند الجميع لانجاح الرهان وكسب التحدي.  والدعاية والاستقطاب لفائدة هذا المكون، ينبغي أن تأخذ صورا وأساليب مستحدثة وذكية ، مثلما حدث في اسطمبول وشفشاون ، بحيث نعمل على جلب السائح دون أن يحس أننا نخطط لاستدراجه !!  ولتحقيق هذا الهدف يجب استشارة أهل مكة، فهم أدرى بشعابها،،
 
12 أكتوبر 2012
م.ز.الحسيني
 
 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.