الغضب المحمود - بريس تطوان - أخبار تطوان

الغضب المحمود

 

الغضب المحمود

لقد أصبح الغضب في عصرنا الحالي داءا عضالاً يعاني منه كثير من الناس مما نتج عنه التدابر والتباغض والتحاسد وفي بعض الأحيان يصل الأمر إلى إزهاق الأنفس، والأرواح بسببه، وهذه كلها أشياء تمجها الفطرة ويحرمها الشارع ، ولعل السبب الرئيس لطغيان هذه الظاهرة تكمن أساسا في سوء الفهم لشريعة الله، وتحكيم الاهواء بدل تحكيم شريعة رب الأرض والسماء، وكم كانت كلمات نبينا عليه أزكى الصلاة والسلام صادقة ومصدوقة حينما قال: «ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» أخرجه البخاري
وبما أن شهر رمضان الأبرك ونفحاته الطيبة قد هلت علينا كمسلمين فحري بي أن أتطرق في كلمات قلائل إلى الحديث عن الغضب في شقه المحمود وذلك تفاديا للشق المذموم والذي لا نجني منه سوى الشوك والشحناء والبغضاء التي تفضي لا محالة إلى سوء الهلاك وقديما قيل ساعة الغضب ليس لها عقارب.
وأما عن الحالات التي يكون فيها الغضب محمودا فتتجلى أساسا في:
– أن يغضب المسلم عند انتهاك محارم الله، أو تضييع أوامره، وارتكاب نواهيه، وقد جاءت أحاديث كثيرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثبت فيها غضبه على بعض الأمور المخالفة لشرع الله، ومن هذه الأحاديث ما رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فرآهم عزيز متفرقين، قال فغضب النبي صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا ما رأيناه غضب غضبا أشد منه، قال: «والله لقد هممت آن آمر رجلا يؤم الناس، ثم اتتبع هؤلاء الذي يتخلفون عن الصلاة في دورهم فأحرقها عليهم….». فهذا الغضب صدر منه صلى الله عليه وسلم لما رأى من مخالفة أمر الله، لأن الله عز وجل أمر بالصلاة جماعة لقوله سبحانه: ﴿ وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين﴾.
– الغضب في الخطبة يجوز للخطيب أن يغضب في خطبته وذلك لتحذير الناس من عذاب الله، وتخويفهم حتى يجتنبوا ما نهاهم الله عنه، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما رواه البخاري في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه كأنه منذر جيش…».
   – ويحمد الغضب أيضا إذا كان من أجل الغيرة، وهذه الغيرة يمكن أن تكون في جانب الدين أو العرض:
*أما في جانب الدين: فتكون إذا استهزئ بالله أو بأحد من رسله أو بدينه، ومن المثال على ذلك ما ذكر الإمام بن كثير في تفسيره لقوله تعالى في سورة المنافقون: ﴿ يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل﴾.
«أن عبد الله بن عبد الله بن أبي لما بلغه ما كان من أمر أبيه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنه بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أبي فيما بلغك عنه، فإن كنت فاعلا فمرني به، فأنا أحمل إليك رأسه…» .
* أما في جانب العرض: فالغضب يكون إذا اعتدى إنسان على عرض آخر فتأخذ الغيرة، فيغضب لأجل ذلك.
     ويمكن إجمال الغضب المحمود في ما كان في جانب الحق والدين، أما ما كان في غير الدين والباطل، فهو مذموم.
فما أحوجنا إذن ونحن في هذا الشهر العظيم شهر التوبة والغفران أن نكثر من الغضب المحمود الذي ينبع من الغيرة الشديدة على دين الله عزوجل، وأن نترك ظهريا وبشكل قاطع الغضب المذموم.
 
نورة المرضي/ بريس تطوان

 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.