الكتابة قرينة الروح - بريس تطوان - أخبار تطوان

الكتابة قرينة الروح

الكتابة قرينة الروح

ونحن نزاول الحياة و نخيط دروبها و نتوغل…تجدنا في بحث دائم عن من يفهمنا، إن نحن باشرنا أو توارينا خلف ظلها نحيا والبحث يحفنا من كل الزوايا..، منصت، مؤيد، موافق ذاك الكنز المبحوث عنه؛بيد أن طاقتنا في الفضفضة أحيانا يحدث أن تفوق سعته… فنعود أدراجنا إلى نقطة البداية: البحث.
هناك فقط يصبح البحث أعمق و نصير نحن أكثر نضجا في اختيارنا لصديق لا يمل من استرسال التفاصيل اليومية، لا يضجر عند اشتياطنا غضبا و لا يكل و نحن نكرر ذات الكلمات فرحا .. صديق يحتوينا وقت الضعف و لا يعيش إلا على نبض كلماتنا … القلم؛
ومن غيره يوقع عقد التفاهم الأبدي و الاستماع الدائم .. تحليل المشاعر و الترجمة الحرفية لها ..؟ من غيره ينتظرنا حيث نرغب و يسافر و ايانا حيث نحلم؟ و من غيره يلبي النداء دون أدنى استفسار عن الزمان و المكان ..؟

للكتابة مفعول سحري تعجز الكلمات عن وصفه، تلك التي تنادينا في الوهلة الأولى لاحتساء فنجان قهوة على شرفة الخيال .. ثم تقوم بدعوتنا إلى الحدائق …إلى صباحات بجوار الموج .. و على كراسي الأرصفة لنجدنا في أخر المطاف والإدمان قد تفشى فينا نأبى الرحيل و نتشبت بكل ما باليراع من قوة.. نلبي النداء في ساعات متفرقة من اليوم و جوف الليل .. و نحضر في كل وقت و حين، متجاوزين العالم…مهرولين..خاضعين لقوى الحروف المسلطة علينا.
قرينة الروح هي، تستشعر ألامها و بهجاتها و تداوي جراحها بلطف .. تمسك أناملها و ترافقها حيث الشط .. وتسمو بها للأفق و ترفع.. صوت البكم من الناطقين و موسيقى الصم من الصادحين و نور البصراء الذي لا يضال فن هي، تنزل على ممارسها غزات هدوء و سكينة فيغدو عاشقا لتجاعيد الحياة، مقبلا عليها بحب و تطلع فأن تكتب، يعني أن تنفرد بتلك الروح، أن ترتكبان عصفا نفسيا و ذهنيا و أن تمارسان معا طقسا من الطقوس الروحانية؛
أن تكتب هو أن تختلي بذاك القلم و لو بين الحشود و أن تؤسس عالما خاصا بك تلجأ إليه، تبتعد فيه عن التنمق و التشدق و تنفض فيه عن العالم غبار السواد، أن تتجرد من الاضافات و الاطارات .. وأن تسارع للقاء روحك الغابرة .. تنصت إلى أنينها و تشاهد رقصاتها المرحة على قدم واحدة.. . أن تكتب، أن تكون أن نفسك، نقيا .. صافيا .. تاركا خلفك أثوابك و أدوات زينتك ..
أن تكتب، يعني أن ترافقها إلى حيث تأمر، لا مجال للتمنع و الرفض في الكتابة و لا غير الروح تعرف أين السبيل.

الكاتبة والشاعرة
مريم كرودي/ بريس تطوان


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.