رِفقا بجماهير تطوان الغاضبة - بريس تطوان - أخبار تطوان

رِفقا بجماهير تطوان الغاضبة

 

رِفقا بجماهير تطوان الغاضبة

 

من السهل على شخص لا يعرف جيدا تاريخ المنطقة، ويجهل أن تطوان كانت عاصمة شمال المملكة والصحراء المغربية، أن يصدر حكم قيمة فوري على الجموع الغاضبة التي كانت تمجد دولة اسبانيا على مدرجات ملعب سانية الرمل وفي شوارع وأزقة المدينة.

من ضمن هذه الأحكام الجاهزة هي؛ تُهم “الإنفصال”، “النزعة العرقية”، “خيانة الوطن”، “حب اسبانيا والإخلاص لها”؛ لكن الحقيقة التي تغيب عن أذهان الكثيرين، أن التراكمات التاريخية التي لم تجد الحلول المناسبة لها في زمنها، هي التي أفضت إلى مثل هذه الإنزلاقات.

للأسف؛ إن رفع مثل هاته الشعارات من طرف شباب أغلبهم من مواليد التسعينات، يُعطي الدليل القاطع على أن الورش الذي أطلقه المغرب في إطار ما يسمى “بالإنصاف والمصالحة” لم يحقق الأهداف المتوخاة منه، ولم يستطع خلق نوع من التماسك الإجتماعي والترابط الوطني، والتجاوز الإيجابي لذكريات سنوات الرصاص المريرة.

بعبارة أوضح؛ هؤلاء الصغار الذين لا يعرفون أي شيء عن الحمولة التاريخية للمغرب، بل توارثوا روايات شفوية وصور نمطية، هم بدورهم ضحية ضعف التواصل من طرف الدولة المركزية والمسؤولين الذين تعاقبوا على تدبير الشأن العام بالمغرب، همهم الوحيد الحفاظ على الكراسي والذود عن المصلحة الشخصية.

وفي هذا الصدد نستحضر مقولة شهيرة للناطق الرسمي السابق للقصر الملكي الأستاذ حسن أوريد حين قال “المغرب بلد مصاب بمتلازمة عدم إكتمال الأشياء”، بمعنى أنه في سياقنا هذا، لو تم إنجاز أوراش المصالحة الوطنية وتحققت العدالة المجالية وإحداث نموذج إقتصادي عادل وفعال؛ ما كان المغرب وطنا يعرف مثل هاته الهزات.

 

وعليه؛ فإنه من الخطأ الفادح، وصم المراهقين بمدينة تطوان بالخيانة أو محاباة الإستعمار‘ لأن ما دفعهم إلى الإحتجاج بهاته الطريقة العنيفة؛ هو كونهم يحبون وطنهم بعمق، ولا يرتضون له هاته المراتب المتدنية والمخجلة التي آل إليها.

جماهير تطوان هم أبناء المغرب؛ والإبن مهما كان عاقا فهو عزيز على قومه وأسرته‘ يرجون له الصلاح والفلاح مهما صدرت عنه من تصرفات غير مسؤولة؛ لذا فالأجدر على المسؤولين والحكماء والعقلاء بهذا البلد، التعامل مع هذا الموقف بحكمة وتدبر ورزانة.
باختصار شديد؛ فجماهير تطوان في حاجة ماسة إلى المساعدة والمواكبة والتأطير، ومن يقدم لهم جرعات الأمل، بعد أن تخلت الدكاكين السياسية، والإدارات العمومية ومسؤولي المؤسسات الرسمية، عن دورها في الدعم والمساندة، والوقوف معهم في السراء والضراء، تاركة إياهم عرضة للضياع.

وهذا ما أكده الخطاب الملكي حين قال الملك محمد السادس ” وأمام هذا الوضع، فمن حق المواطن أن يتساءل: ما الجدوى من وجود المؤسسات، وإجراء الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء، والولاة والعمال، والسفراء والقناصلة، إذا كانوا هم في واد، والشعب وهمومه في واد آخر؟”

بريس تطوان

 

 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.