إتيكيت البحر - بريس تطوان - أخبار تطوان

إتيكيت البحر

اتيكيت البحر

 

حلول الفصل الأخير من السنة يدفع البحر إلى ترك وحدته التي عاشها العام بأكمله فيفتح أبوابه للزوار الذين يحجون من كل حدب و صوب يقدمون على مباركة العطلة الصيفية له و يؤنسون وحشته.

مصطافون يلجأون بدورهم إلى أحضان الموج هروبا من حرارة الجو بحثا عن الانتعاش و الاستجمام و عن متنفس يعمل على الترويح و انتشال شحنات الطاقة السلبية.

هؤلاء و كمواطنين يعتبرون البحر فضاءا عموميا عاما يحتضن كل قريب و غريب و يستوجب عليه الخضوع لاختلالاتهم و الانصياع لخروقاتهم، الشيء  الذي يجعل منهم مخربون أكثر من كونهم مصطافون..  لا ينفكون عن تشويه جماليته و لا عن التعدي على الملك العمومي؛

إقدامهم على على العشوائية السلوكية تكسب الشاطئ كمستضيف صورة نمطية تعج بالعادات السلبية المشينة و التي لا تليق بضيف ملزم برد كرم الضيافة.

فاستغلال جنباته من طرف أصحاب الكراسي و الشمسيات بشكل غير قانوني و منظم يخلق مظهرا من مظاهر القوة في فرض الخدمات فأنت و باعتبارك مواطن يبحث عن الراحة تجد نفسك وسط جيش من الشمسيات المغروسة بشكل قبلي حتى و إن لم يكن يستظل بها أحد ليصير تنصيبك لأغراضك الخاصة هناك أشبه بحرب تخوضها وسط ازدحام مهول يثيره هؤلاء الباعة مقدموا هكذا الخدمات.

تعسف يحاكي ذاك الذي يقوم به المصطافون برميهم بقايا الطعام، الأكياس البلاستيكية و قشور الفاكهة.. لولا المتطوعين الذين يتكفلون بلم النفايات الملقاة بشكل دوري أتخيل الحالة التي كان سيصير عليها المستضيف!!  أظنها لن تكون أسوء من حالته و هو يستوطن ركنا تحت الدخان الخانق للأكل الذي يتم طهيه و للأسماك التي تشوى هناك… هي ظواهر سلبية كثيرة تجعل الشاطئ يفقد ملامحه الأولية، و كيف سيحافظ عليها؟ و الوسط يكاد يبكي من فرط العشوائية!!

 

للشاطىء اتيكيت و أخلاقيات أيضا شأنه شأن باقي الأماكن و المرافق العمومية، تبدأ أولها باحترام خصوصيات الآخرين و حقوقهم فأن تمارس حريتك في الاستمتاع و الاستجمام لا يعطيك الضوء الأخضر لانتهاك حقوق الآخرين و هم يزاولون ذات النشاط  و لا يسمح لك باختراق سياج الأخلاق العامة و القيم الإجتماعية.

اعتناق المجتمع لسلوكات كهذه تجعلنا نقف وقفة تأمل في الحال الذي وصلنا إليه و كأننا انتقلنا من الحديث الراقي إلى الماضي المهمش ذاك الذي تؤلمنا صوره اليوم للأسف ماض أنيق، راق، مثقف وواع لست أدري أي لعنة أصابتنا و رمت بنا حيث نحن الآن: عالم من العشوائية و انعدام للمسؤولية.

فحينما تصبح أماكن الترفيه أيضا اليوم مرتعا للتهور و التطاول على حريات الآخر فسلاما على الترفيه و سلاما على العطلة الصيفية.

 

مريم كرودي/ بريس تطوان


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.