كيف تم اغتصاب منتجع "كابونيكرو" الساحر؟ - بريس تطوان - أخبار تطوان

كيف تم اغتصاب منتجع “كابونيكرو” الساحر؟

كيف أعدمت عصابة العقار “كابونيكرو”
“شيء لا يصدق هذا ليس هو جبل “كابونيكرو” الداكن السواد، المهيب الطلعة ،الذي كنا نراه من بعيد، حين يطل علينا من أول منعرج بطريق مرتيل، فعلا كنا نصاب بالدهشة منه لما كنا صغارا، خلال زيارتنا للمغرب في الزمن الجميل، لا أصدق كيف تم مسخه وتشويهه بهذا الشكل، لقد غزا جسده اللون الأبيض مثل مرض البهاق، أو سرطان الجلد، لقد تحول إلى منظر بشع ،وعليه  فمن الآن فصاعدا  فإن هذا الجبل العظيم لا ولن  يستحق أبدا أن  يحمل  لقب الرأس الأسود Cabo Negro “؛ كان هذا  نص  تصريح  سائحة إسبانية  تحدثت بحرقة إلى بريس تطوان،حيث  كانت تزور المغرب في نهاية الستينات والسبعينات، رفقة أفراد عائلتها، قاصدين ساحل “كابونيكرو “الذهبي للاستمتاع بزرقة مياه اللازوردية، وخضرة قاتمة لجبل شامخ يرنو نحو عنان  السماء.
وبناء على تصريحها، أجرينا بعض الأبحاث، فوجدنا فعلا أن هناك قلة من الأماكن الساحرة والخلابة على امتداد بحر “البوران” وصولا إلى المحيط الأطلسي الكبير، من تحمل اسم “كابو، Cabo”، والمراد بها الرأس باللغة الإسبانية.
ففي الساحل الشرقي للمملكة الإسبانية، هناك موقع آية في الحسن والجمال، يسمى “كابو دي كاطا” أي رأس القطة، وفي وسط المحيط الأطلسي والذي كان يطلق عليه المسلمون بحر الظلمات، هناك جمهورية كاملة تحمل اسم “كابو بيردي”، بمعنى “الرأس الأخضر”، وفي قاع القارة الأفريقية هناك رأس آخر يسمي “كابو دي لااسبرانسا” وترجمتها إلى العربية، تعني رأس الرجاء الصالح، وهناك من كان يطلق عليه رأس العواصف.
في المغرب كان “الرأس الأسود”حاضرا بقوة ضمن أيقونات هذا المشهد الجغرافي العالمي، حيث أخد تسميته في غالب الظن، بفضل وفرة الغطاء الغابوي الكثيف، الذي كان يكسو هذا الجبل العظيم ،والذي يقتحم عباب  البحر المتوسط في كبرياء.
للأسف الشديد الدولة العقارية بالمغرب، والتي أنتجت وتنتج فقط النموذج التنموي العقاري، الذي أبان عن فشله الذريع في خلق الثروة، واستدامة زخم التنمية، قامت بتسليم رأس هذا الجبل الشامخ على طبق من ذهب إلى سماسرة العقار، ومصاصي دماء البيئة، نظير الربح المالي طبعا، مشفوعا بالفساد والرشوة، ولا مبالاة المسؤولين.
واستنادا إلى مصادرنا فبطرق ملتوية اشترى بارون مخدرات سابق، قطعا أرضية قريبة من أعلى قمة الجبل، باعها إلى منعشين عقاريين، دون تحفظ من إدارة المياه والغابات، والمؤسسات المنتخبة، أوالمحاكم، فشرعوا في حرق الغابة واقتلاع الأشجار وقتل النبات، والنتيجة حجرات اسمنتية لاتسر الناظرين، و بعدها  شرعوا في طرد الخنزير البري الذي كان يتواجد بالجبل منذ الآلاف السنين، والبط، وطيور السمان، والحجل، والأرانب.
نفس الأمر حدث، مع معظم المجمعات السكنية التي  نبتت كالفطر، ابتداء من الكولف الملكي، وصولا إلى الشاطئ، ولكي تكون جريمة المغرب العقاري مكتملة الأركان، قاموا باستعمال المواد الكيماوية لقتل النحل والصرار ،والسلحفاة والقنفد والفراشة  ونبتة “حميطة” ذات الألوان الزاهية، وكل شيء جميل، كان يعيش و يتنفس أو يتحرك على  سفح هذا هذا الجبل.
للأسى والأسف هذا هو نموذج المغرب القاسي على كل شي يتواجد فوق ترابه،م ن بشر وحجر وزرع وضرع، حتى جبل “كابونيكرو” الجبار لم يسلم من  ظلمهم وجبروتهم.
يبقى السؤال المطروح هل يمكن إصلاح الوضع وإرجاع رأس ” كابونيكرو” العظيم إلى سابق مجده؟ الجواب بكل بساطة  نعم  يمكن ذلك، إذا تم إحداث وكالة وطنية لاستعادة سواحل وجبال المملكة، على غرار الوكالة الفرنسية لاستعادة شواطئ الجمهورية، مع وجود إرادة فولاذية في التنفيذ، تقطع  دابر المفسدين الذين اغتنوا على حساب مقدرات الأجيال القادمة.
بريس تطوان


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.