الرقة والخشونة - بريس تطوان - أخبار تطوان

الرقة والخشونة

الرقة والخشونة

البويات  أو المسترجلات ظاهرة أصبحت ترعب كل أم و أب في الدنيا، و لعل هذا الهاجس دفع بعض الأهالي للمبالغة في دفع بناتهم إلى الرقة و الأنوثة، و في جانب آخر نجد “هاجس الخنوثة”هو الآخر أصبح يسكن عقل الأمهات و الآباء ما يدفعهم إلى تعزيز مفاهيم الذكورة لدى أولادهم الذكور و جعلهم يتصرفون بدرجة عالية من الخشونة، قد تصل إلى جعلهم ينسون كل جانب رقيق لديهم.

و ما زاد الطين بلة موجة الكتب و المحاضرات الداعية إلى الفصل الشديد بين المرأة و الرجل، و اعتبار أن الرجل من كوكب و المرأة من كوكب آخر، و كأن دخول أحدهما في صفات موجودة لدى الجنس الآخر ضرب من الشذوذ و الخروج على الطبيعة، مع أن الأمر ليس كذلك على الإطلاق.

صحيح أن هناك بعض الفوارق بين الرجل و المرأة بحكم الإختلاف في أدوار أجزاء الدماغ لديهما، و بحكم الإختلافات التي غذتها سيادة الهرمونات الجنسية، لكن التشابه أكبر من الاختلاف.

مثلا، الرجل و المرأة كلاهما يشغل مخه بجزءيه الأيمن و الأيسر، لكن المرأة تشغل الأيمن أكثر، و الرجل يشغل الأيسر أكثر.

لكن عند كليهما يشتغل الجزء الآخر أيضا، و معظم الهرمونات موجودة في جسد الاثنين و لكن بعضها موجود عند الرجل أكثر من المرأة، و العكس.

و هذا يعني في خلاصته، أن هناك شيئاْ من الأنوثة في الرجل، و شيئاً من الخشونة في المرأة. فلماذا الرعب إزاء هذا الأمر؟

الحقيقة، أن هذا الأمر كان موجودا منذ القدم، فهناك نساء عندهن بعض الخشونة الواضحة، و شبان لديهم جانب رقيق  واضح، و المجتمع كان يتعامل مع هذا الأمر بقدر من الإرشاد و النهر، و خطوات التخشين للشاب، مثل وضعه في البادية مع البدو، أو وضعه في الجيش، أو جعل البنت تجلس أكثر مع أمها لتعلمها كيف يكون سلوك الأنوثة.

لكننا كلنا ندرك أن هناك عددا كبيرا من البنات، لديهن الإحساس الأنثوي، و لكنهن ميالات إلى بعض الخشونة، و العكس حاصل لدى بعض الذكور، إذ تبدو على سلوكهم و توجهاتهم مسحة رقة.

فلماذا لا نقبل ذلك و نعقد أبنائنا؟ من قال إن الرجل يجب أن يكون قويا صامتا، يحب الرياضة، و يعطي المرأة ظهره في الفراش؟ من قال إن المرأة يجب أن تكون رقيقة، سريعة الدموع، غارقة في الورد و الأحلام الوردية؟ نحن نعيش في زمن أصبح فيه الرجل و المرأة غير قابلين لأن يتم إخضاع الذكورة و الأنوثة لديهما لمعايير المقبول و المتوقع اجتماعيا.

شخصيا أعرف أمَاً كل همها لعبة الكاراتيه و حصد الجوائز، و ابنها البكر كل همه فن تنسيق الورود، فما المشكلة في ذلك؟

في السابق كان الخوف هو رعب الرفض حين يخرج أحد الجنسين على الإطار الذي رسمه له أو لها المجتمع. و الآن الكل يقف على أرض صلبة، و يقول : ” أنا رجل لكني أحب الورود” . أو : ” أنا أنثى لكني أهوى القتال”.
باختصار لم يعد يهم الإنسان أن يكون محبوسا بقوالب. و المفارقة أن الأهل الذين مازالوا مهووسين بالقوالب الاجتماعية هم ذاتهم يعيشون و يجعلون أبناءهم يعيشون بتناقضات كثيرة، فتجد الأم تصرخ في أبنائها: ” كن رقيقا و اشعر بي و تعامل مع أختك برقة”، و هي في الوقت ذاته تدعوه إلى أن يكون رجلا و ” حمشا”، أيضا الأم تصرخ في البنت ” دافعي عن نفسك، تشاجري مع هذا الذي تحرش بك”، لكنها هي نفسها كانت لا تتوقف عن دفع ابنتها منذ نعومة أظافرها إلى أن تتميز بالهدوء و الرقة.

إن كل ما نحتاج إليه هو أن نربي أولادنا على أن يمتلكوا أفضل ما في الجنسين مع مراعاة أن يكون هناك قدر كبير من الإحترام المتبادل، و لا بد من مراعاة التفرد في الشخصية و احترامه، و تعزيز هذا الجانب، ليكون أبناؤنا و بناتنا على أفضل ما يمكن أن يكونوا.

 

بقلم: نــورة المــرضي ” بريس تطوان”


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.