مشروع تصميم تهيئة قطاع سيدي المنظري بتطوان يولد ميتا - بريس تطوان - أخبار تطوان

مشروع تصميم تهيئة قطاع سيدي المنظري بتطوان يولد ميتا

 
 
 

ظهر مشروع تصميم تهيئة سيدي المنظري بتطوان بعد مخاض طويل دام لعدة سنوات. ظهر هذا المشروع بعد مرحلة إعداد أسندت إلى مكتب دراسات، ومرحلة دراسة شارك فيها إلى جانب الجماعة الحضرية لتطوان والوكالة الحضرية  لتطوان والسلطة الإقليمية لتطوان مختلف المصالح الخارجية والمؤسسات العمومية والغرف المهنية الممثلة في إطار اللجنة المحلية.

  ونحن الآن في مرحلة إبداء الرأي والممتدة لشهرين، يفتح فيها شهر للبحث العمومي ( وقد انطلقت هذه العملية منذ 14 شتنبر وستنتهي يوم 13 أكتوبر 2011، ويمكن من خلالها لكافة المواطنين إبداء ملاحظاتهم وآرائهم في هذا المشروع، الذي توجد نسخة منه للإطلاع بمقر الجماعة الحضرية لتطوان- قسم التعمير، وكذا تسجيل الملاحظات بالكناش المخصص لذلك)، ويخصص ما تبقى من الوقت لعقد دورة للمجلس الجماعي لتطوان لإبداء رأيه كذلك في هذا المشروع. لكن في البداية  لابد من طرح سؤال ما هي التوجهات العامة التي يجب أن يتمثلها مشروع تصميم التهيئة لقطاع سيدي المنظري بتطوان؟ وماهي الإجابات التي يجب أن يقدمها هذا المشروع على الجوانب الإقتصادية والإجتماعية والعمرانية والتنموية بصفة عامة لهذا الجزء الحيوي من المدينة؟.

      كما نعلم جميعا، فإن مدينة تطوان  في الوقت الراهن لا تتميز بخاصية اقتصادية تميزها عن غيرها vocation de la ville ، رغم توفرها على مؤهلات اقتصادية وتاريخية  وجغرافية وثقافية وغيرها، وبعد تراجع قطاعات اقتصادية كانت في سنوات مضت تعطي لتطوان الريادة على المستوى الوطني كالصناعة والصناعة التقليدية وغيرها. وبالتالي، فإن مجال التعمير والعقار إلى جانب التجارة يمثلان العمود الفقري للاقتصاد المحلي.  وتزداد أهمية العقار لارتباطه بقطاعات ثانوية متعددة ومتنوعة كصناعة الآجور، وبيع مختلف مواد البناء والكهرباء والألمنيوم، والتجهيز المنزلي وغيرها، وتشغيله لشريحة واسعة من اليد العاملة المحلية والوافدة من خارج المدينة  أيضا.

   أضف إلى ذلك، إن مدينة تطوان توجد في صلب مشروع الميناء المتوسطي لقربها من المناطق الصناعية واللوجستيكية، الأمر الذي سيجعلها ملاذا  ومحطة لإيواء العمال والمستخدمين بهذه المشاريع إلى جانب المدن الصغيرة المجاورة، في انتظار بناء مدن جديدة. الأمر الذي يتطلب بناء مركبات اجتماعية واقتصادية جديدة تستجيب لتحدي الهجرة والى النمو الديمغرافي لساكنة المدينة.

    كما أن مشاكل التعمير التي عرفتها المرحلة السابقة وغياب تصور شمولي لها، جعل الكل ينتظر بتشوق مستجدات مشروع التصميم لعله يعطي إجابات على مناطق تعمير جديدة، وتنطيق ملائم، ومرافق جديدة ويصحح الإختلالات السابقة وغيرها.

    لكن بالمقابل، ومع خروج مشروع تصميم التهيئة للعموم أصيب الغالبية العظمى لشرائح المجتمع من مهندسين، وتقنيين، ومستثمرين، وفاعلين مدنيين ومواطنين بالذهول من مضامينه ومقترحاته، حيث منع مئات الهكتارات من البناء، وجعل التنطيق يركز على بنايات من 2 أو 3 أو 4 طوابق فقط، ولم يصحح الاختلالات السابقة مما سيجعل المدينة أمام متناقضات تعميرية في نفس الحي، ونفس الشارع، ونفس الزنقة.

     فلماذا لا نجد عمارات كبيرة وأمامها ساحات خضراء وساحات للعب الأطفال، وهل العمارات ذات العلو الكبير من 10 و15 طابق هي فقط حكرا على طنجة، أو البيضاء أو غيرها، ولماذا نترك مساحات شاسعة ممنوعة للبناء، فهل لنقتل مجال التعمير الذي يشكو أصلا من الأزمة، أم لنشجع البناء الغير منظم وبعدها نضطر لصرف عشرات الأضعاف على مجالات إعادة الهيكلة والتأهيل، ولماذا لم نجد مركبات للسكن الإجتماعي والاقتصادي أليست هذه من الأولويات الأساسية للحكومة، ولماذا، ولماذا…

          إن مشروع تصميم التهيئة المعروض حاليا لإبداء الرأي، لا يجعل جميع المتدخلين، والمستفيدين من عملية التعمير والبناء مرتاحين، ولا يشعرون بأن الكل قد خرج رابحا من وضع التصميم، سواء المواطن، أوالفاعل في مختلف المجالات، أوالإدارة، أومستقبل المدينة. ويتساءل الجميع، لماذا ذهبت الإدارة إلى هذا المنحى، ولماذا هذه القرارات والإملاءات الفوقية، ولماذا الإسرار على إصدار هذا المشروع بهذا الشكل.

    إن التصحيح العقلاني والموضوعي لمشروع تصميم قطاع سيدي المنظري بتطوان يتطلب جرأة في مراجعة اختلالاته الكبرى، وجمع كل المتدخلين وأخذ مقترحاتهم الموضوعية في هذه المرحلة، أو سحبه بصفة نهائية إلى حين الجلوس مرة أخرى ومناقشته مناقشة متأنية في الأسابيع المقبلة، مناقشة قادرة على إخراج مشروع تشاركي وليس مشروع مفروض من الإدارة.

    إن المراهنة على مرحلة إبداء الرأي لتغيير الملامح الكبرى لتصميم التهيئة، أثبتث عجزها، ولعل في تصميم تهيئة المدينة العتيقة خير دليل على ذلك، إذ قدمت إقتراحات جوهرية من لدن المختصين من مهندسين وتقنيين وفاعلين جمعويين ومواطنين لكنها لم تأخذ بعين الإعتبار. فهل سنسير على هذا المنوال، أم أننا سنتبع روح الدستور الجديد الذي جعل الإدارة خدمة للمواطنين، وجعل التشارك منهجا للتنمية البشرية والمستدامة.   
 

ذ. ناصر الفقيه اللنجري لبريس تطوان

 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.