صورة المغرب - بريس تطوان - أخبار تطوان

صورة المغرب

الخبير الاستراتيجي أحمد الدرداي يرصد صورة المغرب بين الحجم الدولي للنظام السياسي وعدم تطابقه مع الصورة الداخلية للحكومة والبرلمان.
من خلال تتبع مرحلة حكم الملك محمد السادس منذ 1999 يبدو أن الإرادة العليا للنظام اتجهت نحو تغيير الوضع بالتركيز على الأبعاد الاستراتيجية الوطنية والدولية، ذلك أن توزيع المهام التنموية بين المؤسسات الحكومية والترابية موثقة بالدستور و القوانين الوطنية ، وجاء دستور 2011 متقدما، رغم النقص الذي يمكن تداركه بتعديلات دستورية مستقبلا. واتخذت المؤسسة الملكية برنامجا متطورا بعد رصد العيوب والأزمات المختلفة في شتى المجالات وطنيا ودوليا، واستوعبت تداخل خيوط الأزمات والمشاكل سواء المرتبطة بالعملية الديمقراطية أو التنموية وكذا المشاكل ذات الارتباط بالوحدة الترابية، وصورة المغرب في الخارج، وسوء تلميعها من طرف المسؤولين المغاربة احيانا، او الإسهام في تعكيرها بعدم الانضباط للقانون و عدم تحقيق تنمية وطنية وترابية رغم أن المواطنين يوكلون لمنتخبين مهمة التدبير التنموي، وأيضا تعميم اللامسؤولية في التعاطي مع الشأن العام ومصالح المواطنين مقابل الالحاح على تحقيق مصالح ضيقة وعدم الاكتراث بالمصلحة العليا للوطن.
إن السبب في هذا التناقض بين صورة المغرب التي تعطيه مكانة محترمة بين الدول بفضل مجهود المؤسسة الملكية وضبابية الصورة الداخلية للبلاد مردها الى ان المؤسسة الملكية تراهن على التنمية والتعاون الدولي والشراكات الدولية التي تعزز السلم والأمن بين الشعوب، والاستثمارات التي تحرك اقتصاديات دول كبرى وتحيي أخرى ميتة وتقوي أخرى ضعيفة، وفي الداخل قوت النسيج الاقتصادي الوطني من خلال المشاريع الكبرى والحيوية على أساس أن المؤسسات الحكومية والخاصة هي المحرك للاقتصاد الوطني والمحلي، بينما مؤسسة الحكومة والبرلمان التي تنتمي للأحزاب السياسية والمؤسسات الموازية لم تصل بعد إلى مستوى الصورة التي رسمتها المؤسسة الملكية للمغرب ولم ترقى إلى منظور الإصلاح السياسي المتوخى، رغم أن هناك نخبة جيدة وغير متموقعة في أماكنها المناسبة بسبب الحسد السياسي والاقتصادي والعلاقات الشخصية والضعف في التكوين لدى عدد من البرلمانيين، مما يجعل المغرب اليوم أمام أزمة عقلية وثقافة اللامسؤولية داخليا، وبفعل الحسابات السياسوية يزيد الوضع تأزما لعدم القدرة على استيعاب وفهم المرحلة وغياب الرغبة في تقديم تنازلات بين الأحزاب السياسية لإيجاد مخرج للأزمة الحكومية، وتعطيل مصالح الشعب الذي ينتظر الجديد، واستئناف العمل الحكومي والبرلماني دون تأخير، بدلا من الاكتفاء بالفرجة السياسية وانتظار انهزام البطل وظهور بطل آخر تصفق له الأغلبية على حساب هلاك الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
لمواجهة المرحلة والخروج من دوامة تآمرات جر الحبل ينبغي تقييم الأحزاب للوضعية السياسية وتقديم العلاج السريع والناجع لواقعها ضمن منظومة السلطة والحكم والأمتثال للمسؤولية المنوطة بها، وإلحاق الصورة الداخلية للبلاد بالصورة الخارجية التي تربع من خلالها المغرب على كرسي الاعتراف الدولي ، وتفادي المنزلقات التي تزيد في تعميق السخط الشعبي لواقع الممارسة السياسية في البلاد وعرقلة تعاملات المغرب دوليا.

الخبير الاستراتيجي أحمد الدرداي
بريس تطوان


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.