كومبارس في مسرحية مخزنية - بريس تطوان - أخبار تطوان

كومبارس في مسرحية مخزنية

مايسة سلامة الناجي تكتب:
كومبارس في مسرحية مخزنية
 
 
 
 
نظمت بريطانيا استفتاء شعبيا يوم  23 يونيو يحدد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي من عدمه، وبفاصل صغير ، قرر الشعب البريطاني الخروج كما قرر دافيد كاميرون الوزير الأول التنحي لما كان يدعم من بقاء البلد في الاتحاد، وبالتالي انتهاء صلاحيات أجندته بعد البريكسيت..

في المغرب، خرجنا من الاتحاد الإفريقي بقرار من الحسن الثاني رحمه الله، وعدنا بقرار من الملك محمد السادس. ما استفتانا أحد ولا شاورنا أحد ولا علمنا عن الأمر حتى علم عنه رؤساء الدول الإفريقية جنوب الصحراء أولا بأن راسلهم الملك بداية دورة هذا العام للمنظمة الأفريقية، لتنقلها لنا بعد ذلك القنوات العمومية، كما تنقل لنا المواقع المخزنية عن الرسائل التي راسل الملك لكل من الرئيس الجزائري والرئيس الموريتاني، والتي لم تذكر تلك المواقع محتواها.. ثم قررت القنوات التلفزية فتح نقاش في الملف فجلبت الرأي والرأي نفسه، ليطبلوا ويهللوا لشيء في حقيقة الأمر استحسناه، رغم ما سمعنا من منابر محايدة عن عدم اكتراث رئيسة الاتحاد الإفريقي له، والتي أوصت في نهاية الدورة على دعم “الاستفتاء” لإخراج “الاستعمار”، وكأننا أمام تصريحان بان كيمون جديدة.
 
نحن لم نطلب استفتاء لسماع رأينا في العودة للاتحاد الإفريقي من عدمه، لم نصل بعد لعشر ما وصلت إليه بريطانيا من ديمقراطية حتى نتجاوز حدودنا لهذه الدرجة.. ولكن على الأقل، كان على الأقل إخبار البرلمان ـ ممثلينا ـ ممثلي الشعب بالأمر!

في فرنسا، تسبب امتعاض شعبي في تراجع الرئيس الفرنسي فرونسوا هولاند عن قرار يفي بإسقاط الجنسية الفرنسية عن كل حامل لجنسية أخرى اتُّهم بالإرهاب. وجاء هذا القرار المندفع بعد الهجمات الإرهابية التي وقعت في باريس في 16 من شهر نونبر الماضي. استقالت على إثره وزيرة العدل السابقة كريستيان توبيرا التي خرجت من مبنى الوزارة على دراجة وسط تصفيقات ودموع العاملين معها وتعاطف وفخر عدد من المواطنين الفرنسيين، بعد أن فشلت في الوقوف في وجه هذا القرار وهي في منصب مسؤولية، فاستقالت وقالت كلمتها الذهبية: “المقاومة تكون بالصمود أحيانا وبالرحيل أحيانا أخرى.. لتكون الكلمة الفصل للأخلاقيات والحق.”

في المغرب، تسبب الامتعاض الشعبي العارم من صفقة استيراد 2500 طن من نفايات الطاليان المسرطنة واقتسام الوزيعة بين أرباب شركات الإسمنت والنقل، إلى حمل تلك الشحنة والتجوال بها في جميع مناطق المغرب لحرقها دون علم الشعب، وأخبار وصلت عن نقلها إلى جهة واد الذهب الكويرة ومحاولة حرقها هناك بتيرس التابعة لجماعة أوسرد، بعد رفضها من طرف ساكنة آسفي.. رئيس جماعة اوسرد راسل والي الجهة رافضا الأمر ولم نعلم جوابا للوالي بعد. كما تسبب امتعاض الشعب في هدوء تام لوزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة السيد عمارة الذي ظل ـ كما قال ـ في مهمة في الخارج إلى حين عودته بعد أسبوع عن اندلاع الفضيحة ليجيب بمنشور على الفايسبوك. وأما الوزيرة المنتدبة لديه حكيمة الحيطي فقد ظهرت جالسة باسمة قبل أيام في مؤتمر الميد كوب جنب الوزراء والأمير مولاي رشيد. وأما القصر فلم يتحدث عن الأمر وأما رئيس الحكومة بنكيران فلم نسمع له كلمة واحدة وأما وزير الخارجية مزوار المسؤول عن مؤتمر الكوب 22 فقال إنه “ما فراسوش”.

في المغرب تسببت الاحتجاجات الشعبية ضد قانون “إصلاح” صندوق التقاعد من جيب وعمر الموظفين إلى تمرير القانون، المرة الأولى من مجلس المستشارين بتواطؤ مع النقابات والمعارضة الذين اتفقوا على غيابات جماعية، والمرة الثانية بالبرلمان.. وصرح رئيس الحكومة أنه يشعر بالارتياح.

في المغرب قرروا إطلاق حملة زيرو ميكة وفرضوها في وقت قياسي على الشعب، وقرروا عدم السماح لمغاربة الخارج بالمشاركة في الانتخابات وانتهى الأمر، وقرروا قبل ذلك الجهوية الموسعة، واليوم يقررون لرؤساء الجهات تعويضاتهم الخيالية دون علم الشعب.. وقرروا قبل ذلك المشاركة في حرب اليمن دون علم البرلمان.. وقرروا قبل ذلك الحكم الذاتي للصحراء المغربية من تلقاء أنفسهم استجابة للضغط الخارجي.. وممثلو الشعب بالبرلمان مغيبون، مبيوعون، والشعب لا صوت له، لا رأي له، لا علم له، إلا إن احتاجوا إخراجه في حافلات الداخلية إلى الشوارع للتنديد بقرارت الأمم المتحدة، أو حمله في شاحنات القياد والشيوخ لمراكز التصويت ليتظاهروا أمام العالم أننا نصوت وأننا ديمقراطية. أو إن احتاجوه للترويج لحملات مفبركة على الفايسبوك ليكسبوا الشرعية الشعبية لقرارات محضرة مسبقا.. ولن أحدد هنا عم أتحدث…

فهل العيب في ضعف البرلمان وعمالة ممثلي الشعب للمخزن وموافقتهم على تحويل المواطنين إلى كومبرس في مسرحية مخزنية.. أم العيب في تسلط المخزن وتدجينه وتهديده لممثلي الشعب حتى يرضخوا لأدوار المسرحية؟ أم العيب في الطرفين على رأي المثل المصري: “قال مين فرعنك يا فرعون، قال ما لقيتش حد يردني”!
 
 
مايسة سلامة الناجي/ بريس تطوان


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.