الدرس التركي لأجل الصحراء ولأجل المغرب - بريس تطوان - أخبار تطوان

الدرس التركي لأجل الصحراء ولأجل المغرب

الدرس التركي لأجل الصحراء ولأجل المغرب
 
 
 
في المغرب أيضا شيء ما غريب يقع هذه الأيام.. شيء ما غير اعتيادي فعله الملك ليلة أمس، بينما كان أغلب المغاربة مشدودين لما يقع في تركيا.
 

نعم بقينا مشدودين لما يقع في تركيا نصفق لجمال تلك التجربة الديمقراطية، ونحن نرى اصطفاف المعارضة إلى جانب الأغلبية وقد تركوا خلافاتهم السياسية والأيديولوجية وحتى العرقية جانبا دون تعليمات ولا إملاءات من جهة فوقية لإنقاذ اختيار الشعب، ونرى الشعب ـ بكلمة واحدة من رئيسه ـ حج بالآلف إلى الساحات لإنقاذ استقرار البلد ووحدة الوطن.
 
ولم يتم تحميلهم وإخراجهم من طرف المقدمين والشيوخ ولا كانت هناك وزارة داخلية توزع علب السردين و20 درهم على المشاركين.. بل أخرجتهم وطنية نابعة من استقرارهم المادي والمعنوي واطمئنانهم في بلد عدل.
 

ونحن مشدودين لهذا البلد حيث اهتم الرئيس بحالة الشعب المادية والمعنوية أكثر مما اهتم بتحالفاته الخارجية فوجد له سندا وقت المحنة.. أرسل الملك محمد السادس يوم الجمعة المنصرم رسالة إلى رئيس الجزائر بوتفليقة نقلها إليه رئيس جهاز المخابرات الخارجية ياسين المنصوري والوزير المتندب في الخارجية ناصر بوريطة حيث استقبلهما رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال، تضمنت الرسالة دعوة إلى توطيد العلاقات بين البلدين. ثم أرسل رسالة أخرى خطية إلى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، سلمها أيضا ياسين المنصوري وناصر بوريطة لوزير الشؤون الخارجية اسلكو ولد أحمد ازيد بيه، دون الكشف عن محتواها.
 

وقبل ثلاثة أيام، ظهر السيد المنصوري إلى جانب السيد ناصر بورويطة في صورة جنب رئيس نيجيريا محمد بخار في العاصمة أبوجا في محاولة تقارب بين البلدين.. علما أن نيجيريا أقوى بلد في إفريقيا وأكبر منتج للبترول في القارة وأكبر مساند للانفصاليين. قبلها بأسبوع أعلنت زامبيا سحب اعترافها بالبوليزاريو.. قبلها بشهر استقبل الملك رئيس رواندا بول كاغامي وتفي أخبار بأن محمد السادس سيزورها في اليومين المقبلين بالتزامن مع استضافتها لقمة الاتحاد الإفريقي.

 

يبدو أن المغرب اليوم يسارع الخطى ليعود إلى مقعده بالاتحاد الإفريقي شريطة خروج البوليزاريو بعد غياب دام 30 عاما. ولا يمكن بخس هذه الجهود الكبيرة جدا لإعادة العلاقات المنقطعة مع بلدان القارة بعد طول فشل دبلوماسية الرشاوي واللوز نحو ديبلوماسية حقيقية مبنية على مصالح مشتركة. وفي نفس الوقت المغرب يحتاج مجهودات موازية داخل البلد لكسب الشعب بعد علاقات منقطعة مع مواطني الجهات الجنوبية والمغرب العميق دامت 30 عاما، بل 50 بل أكثر!  من إهمال وتهميش.. 30 عاما من عجلة تنمية لاتدور..
 

فالوحدة والأمن يأتيان كأولوية وعن قناعة حين يعيش المواطنون في بلد يؤمن لهم حقوقهم المادية والمعنوية والكرامة. ولا يأتيان بالغصب. لا يأتيان بتحميل ناس البوادي المفقرين في الشاحنات والحافلات ليصرخوا شعارات هيأتها الداخلية، ولا يأتيان بجعل الوحدة والأمن من مقدسات بطون جائعة، ولا يأتيان بالتضخيم الإعلامي والتطبال والنفيخ في وطنية ضائعة بين أرواح السبعين مغربي الذين ماتوا في مياه المتوسطي هربا من التهميش ولم يحظوا بتعزية إعلامية رسمية واحدة.
 

نعم كنا مشدودين لما يقع في تركيا أمام استخفاف بعضنا ممن سمانا “الجالية التركية بالمغرب”، وممن نسميهم نحن: “إخوتنا المفرنسين” الذين يبكون على شخص جُرح في باريس أكثر مما يبكون على مغاربة يموتون بردا وجوعا في أنفكو أو بومية.
 

نعم كنا مشدودين لما يقع في تركيا، خائفين من أن يسقط بلد آخر ـ في هذه المنطقة المشتعلة المخترقة بأجندات توني بلير وجون كيري ـ في الفوضى الخلاقة.. ونحن نعد اليوم على رؤوس الأصابع ما تبقى من بلدان مستقرة، كل بلد فلت من هذه الأجندة يعتبر لنا في المغرب صمام أمان، وكل بلد سقط يعتبر لنا تهديدا مباشرا بأن بلدنا التالي في اللائحة، وقد وصلت هذه المؤامرات إلى حد صرح بها الملك محمد السادس في القمة المغربية الخليجية مباشرة وهو يتهم أمريكا بمحاولة تقسيم المغرب.
 

لكن بالأمس تركيا فلتت من هذه الأجندة، بسبب احتماء النخبة الحاكمة في الشعب، شعب يحب وطنه عن جد، لأن هذا الوطن وهذه النخبة الحاكمة وفرت له الغذاء والدواء والتمدرس والسكن، ولم ترهقه بشعارات الاستقرار والأمن.. فهل لو وحصل لنا مثله لا قدر الله سيفلت منها المغرب؟
 

حين كتبنا وأعدنا وأعدنا وأعدنا أن حل ملف الصحراء لا كان ولا سيكون إلا بالاهتمام بهذا الشعب المسحوق حقوقه المادية والمعنوية، كان البعض يسخر ويقول أن الأولوية هي كسب التحالفات الدولية! ونحن لا نبخس التحالفات الدولية لكن،  ماذا حين تتآمر عليك الدول، ألن نتخذ من تركيا درسا ومن التفاف الشعب التركي حول تجربته الديمقراطية قدوة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا؟ الشعب أولا، حقوق الشعب، كرامة الشعب.. ثم التحالفات الدولية والتطبال الإعلامي أخيرا سواء التطبال الوطني أو في منابر الغرب.
 

 
 
مايسة سلامة الناجي


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.