الكساد السياسي - بريس تطوان - أخبار تطوان

الكساد السياسي

 
الكساد السياسي

الكساد السياسي، حين يخرق حزب الباجدة الذي صم أذاننا بديمقراطيته الداخلية هذه الديمقراطية بمؤتمر استثنائي، ويعيد انتخاب بنكيران أمينا عاما للمرة الثالثة لا لأنه رجل إصلاح.. فقد رأينا في ڤيديوهات نشرناها مرارا كيف صرخ يطالب بإقالة الماجيدي والهمة والعماري على أنهم أباطرة الفساد السلطوي المالي وصرخ يطالب بإيقاف موازين باسم الدين والفساد الأخلاقي، وصرخ يطالب بإيقاف أصحاب مأذونيات المقالع متعهدا أنه إن لم يستطع “غيحط السوارت”، ثم تنكر لوعوده ولا هو أصلح ولا هو رحل.. إنما أعادوا انتخابه طمعا في السلطة بسبب انعدام الكفاءات الشعبوية الشفهية القادرة على خوض الانتخابات بالمعيار وضريب الطر وتلفيق التهم والوعود الكاذبة كما يفعل، وانعدام الكفاءات القادرة على الخنوع والخضوع والتذلل للملكية بالشكل الذي أراناه في ولايته، من تصريحه بأن الملك إن أراده أخذه “هانا معاه”، إلى تصريحه بأن والدته “تتسخط عليه” إن ناقش الملك في أمر، إلى تصريحه الأخيرة بكونه ضد الملكية البرلمانية.. ثم بسبب انعدام الكفاءات داخل الحزب القادرة على تمرير كل ملفات الزيادات التي كانت موضوعة على الرف والتي كان وصول بنكيران إلى السلطة ليست سوى صفقة مخزنية بتمريرها عبر شعبيته مقابل حقيقة رئاسة الحكومة.. عاودوا صوتوا عليه!

الكساد السياسي، حين ينتقد الولاية الثالثة لبنكيران على رأسه حزبه أعضاء الپام، أو كما يقول المثل المغربي “الشبكة تضحك على الغربال”، هؤلاء المجتمعون على فكرة حزب ليس له توجه ولا أيديولوجية غير “تنفيحات” يسارية علمانية حتى أصبح اليوم يستقبل الهاربين من حركة التوحيد والإصلاح، حزب جمع قدماء معارضي الحسن الثاني ليدعموا استثمارات محمد السادس، وجمع شبابا حين سئلوا خلال المؤتمر الحزبي الأخير عن سبب تواجدهم فيه لم يفهموا السؤال.. تم تلقينهم من يكون أمينهم العام فتم تنصيبه بالتصفيق والصفير كأنهم ينصبون هتلر على رأس النازية.. هذا الرجل، إلياس العماري الذي ـ كل مرة يحكي سيرته الذاتية ـ يزيد شبهة فوق شبهة بسبب ما فيها من فترات غامضة من عميل مخبر يبيع أخبارا عن مافيات الحشيش إلى سفير غير رسمي ببلدان أمريكا اللاتينية إلى رجل نافذ بالداخلية المغربية إلى زعيم حزب صاحب منابر إعلامية، ولا هو استطاع شرح طريقة وصوله ولا أحد يعلم، المهم أنه خرج من الظلمات إلى العلن وطالب الناس بقبول مطالب تقنين الحشيش، ووعدهم باستثمارات بالملايير، ووعدهم بمحاربة الإسلاميين وضمان إسلام الأسياد والوشام.. صوتوا عليه!
 

الكساد السياسي، حين يقضي هذان الرجلان، بنكيران والعماري، حملاتهما الانتخابية، يسبان بعضهما ويتهمان بعضهما بأفظع التهم من مافيوزي إلى تاجر دين ومن عميل إلى رئيس عصابة، ثم يتحالف حزباهما لتسيير مجالس جهوية أو عموديات.. فها هو بنكيران يطلب التحالف مع البام في مراكش في الانتخابات الجهوية السابقة.. ثم بالأمس يسب صحافياً من جريدتهم على أنه عدو من موقع معاد.. ويستقبل قبيل أسابيع رئيسة شبيبة البام نجوى كوكوس بالابتسامة ويمنحها هدية عطر تركي فاخر.. باسم البرغماتية والمصالح السياسية، وليست في حقيقة الأمر سوى مصالحهم الشخصية وأطماعهم السلطوية.

الكساد السياسي هو حين ترى مفرجاً عنه من المعتقلين السلفيين، الشيخ أبو حفص، وهو من حزب النهضة والفضيلة إلى الكتابات العلمانية في جريدة إلياس العماري إلى مؤتمرات حزب الاستقلال اليوم جانب شباط بحثا عن طريف دالخبز، وقد تنقل قبله الفزازي من محاولة إنشاء حزب إلى الإمامة مع وزارة الأوقاف إلى مغازلة الأصالة والمعاصرة إلى محاولة تأسيس جمعية دعوية باءت بالفشل.. والتحق بعده الشاذلي بحزب نجل عرشان في توصيف لمتلازمة ستوكهولم أو حين يعشق المرء جلاًدَه.. كله دليل على أن المفرج عنهم من سلفيين لا يتبعون اليوم إلا من يؤمن غذاءهم بعد عجزهم عن الاندماج في المجتمع قبل وبعد الإفراج.. والعتب كله على سياسة المخزن البئيسة في احتوائهم عبر الأحزاب لمنحهم وظائف منبرية ولربما داخل البرلمان في الانتخابات القادمة، لتمثيل عشيرتهم رمزيا فقط وإخماد التهميش المعنوي الذي لحق بهم جراء الاعتقال، سياسة لن تخمد أصوات بطنهم جراء التهميش المادي.. بدل إحاطتهم برعاية اجتماعية مادية أولا ثم نفسية وترك الأحزاب لمن يرغب فعلا بممارسة السياسة. وكأن بنكيران ورباعتو فقط من يحتاجون الأكل والميرسيديسات والسكن الوظيفي والباقي قُدِّر عليهم الفقر والتقشف! 
 

الكساد السياسي.. حين يعجز المحزبون عن تقديم أجندات اقتصادية واجتماعية تقنع المواطنين.. فليجأون إلى المتاجرة بكل شيء من الدين إلى الأطفال إلى الإحسان في رمضان للترويج لسفاهتهم وتفاهتهم وفشلهم. من اليوم فصاعدا إلى غاية 7 أكتوبر.. سترون العجب العجاب. سترون شباط يصلي في القدس ويبكي في مكة ويؤذن فوق المريخ وعطارد والزهرة ويجر إلى حزبه الفاتنات بالجلالب الحمرة.. سترون مزوار وبنخضرا يأكلان الهندية جنب المتسولين.. سترون حداد يقبل رؤوس الشيوخ والعجائز وذوي الاحتياجات الخاصة.. سترون بن عبد الله يزور البرارك والكاريانات ويمشي فوق القوادس ومجاري المياه مبتسما.. سترون إلياس العماري يتحدث عن تاريخ الهنود الحمر بمنابر روسية ويربطه بجمال حقول كتامة على الجزيرة الوثائقية.. سترون لشكر يستفز أبو النعيم والنهاري بتصريحات حول الإرث وملك اليمين ثم يلعب دور الضحية.. سترون بنكيران حاملا حفيده يرقص معه الأندلسي ثم يضحك ضحكته ويتوعد الدولة العميقة بأنه سيحاربها.. الدولة العميقة التي ليست سوى الملك والهمة ومن حوله من مستشارين ومستثمرين.. سترون بنكيران يتوعدهم وفي نفس الوقت يقول عاش الملك عاش الهمة ومن حوله.. حتى تحول أعينكم من هول التناقض والكذب والبهوت.. اللهم ارحمنا من حملاتهم الانتخابية آمين!!
 
 
مايسة سلامة الناجي/ بريس تطوان
 
 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.