الإشعــــاع الـــــــذري فــوائد وأخطـــار ! - بريس تطوان - أخبار تطوان

الإشعــــاع الـــــــذري فــوائد وأخطـــار !

الإشعــــاع الـــــــذري

فــوائد وأخطـــار !

 
 الإشعاع جزء لا يتجزأ من حياتنا وهو يأتي إلينا من الشمس والفضاء الخارجي ومن العناصر المشعة الموجودة  في القشرة الأرضية  وأيضا من الغلاف الجوي والبحار والمحيطات.. إن أجسامنا أيضا بها عناصر مشعة بسبب الطعام الذي نتناوله والماء الذي نشربه ويرجع هذا أساسا للنباتات التي تمتص هذه العناصر من التربة وإضافة لهذه المصادر الطبيعية هناك مصادر صناعية للإشعاع مثل أجهزة الكشف الطبي بالأشعة السينية والمصادر الإشعاعية الأخرى المستخدمة في الأغراض الطبية والإشعاعات الناتجة عن التفجيرات النووية وتشغيل المنشآت النووية والمحطات النووية لتوليد الكهرباء.

 
إن الإشعاع بالرغم من فوائده العظيمة فله بعض الأضرار على  الكائنات الحية.

إن الإشعاع الذري لا تراه العين وإذا تعرض جسم الإنسان لجرعات شديدة تسبب أمراضا خطيرة قد تؤدي للوفاة.

إن الإصابة بمرض الإشعاع ينتج عنه صداع وغثيان وقيء وإسهال ومرض اللوكيميا وسقوط الشعر. كذلك للإشعاع تأثير كبير على نخاع العظام الذي يسبب نقص كرات الدم البيضاء. كما يسبب مرض الكتراكت الذي يصيب العين ويفقد الإنسان بصره كما يسبب قصر العمر. أيضا للإشعاع تأثير كبير على الغدد الجنسية للرجل والمرأة وتعرض السيدة الحامل له قد يتسبب في موت الجنين أو ولادته مـشـوّها.

توصل العلماء إلى أن التعرض للإشعاع يجب ألا يتعدى 50 مللي ريم في اليوم وإصابة الإنسان بمرض الإشعاع يحدث عند التعرض لجرعة أكبر من 100 ريم والجرعة القاتلة هي أكثر من 600 ريم وإذا تعرض الإنسان لجرعة 2.000 ريم يحدث تلف في الجهاز العصبي المركزي ويتعرض للموت خلال ساعات قليلة.

في عام 1895 اكتشف العالم الألماني وليم رونتجن الأشعة السينية وأخذ بها أول صورة ليد زوجته أظهرت عظامها، ولم يمض على هذا الاكتشاف إلا أشهر قليلة حتى استخدمت هذه الأشعة في التشخيص الطبي للكشف عن كسور العظام وتحديد مواضع الشظايا في أجساد المصابين بها.

   

أدت هذه الأشعة دورا هاما في الحروب حيث انتشر في ذلك الوقت تصنيع أنابيب الأشعة السينية وبدأت تظهر على العاملين في هذه الصناعة وفي مستخدميها الآثار الضارة للأشعة السينية مثل احمرار الجلد والحروق الإشعاعية وسقوط الشعر وفي أيدي بعض هؤلاء العمال ظهرت أورام سرطانية.

كذلك اكتشف العالم الفرنسي هنري بيكريل في 1896 النشاط الإشعاعي الطبيعي لعنصر اليورانيوم ثم أكمل العالم الفرنسي بيير كوري وزوجته مدام كوري البحث عن العناصر المشعة واكتشفا الراديوم والبولونيوم ويذكر أن مدام كوري وابنتها إيرين قد توفيتا بسبب إصابتهما بسرطان خلايا الدم البيضاء نتيجة استقرار الراديوم المشع في العظام. كما أصيب العالم هنري بيكريل بسرطان الجلد.

 
عندما أدرك العلماء خطورة الإشعاع الذري على جسم الإنسان أصدرت الجمعية الإشعاعية الألمانية في 1912 توصيات للحماية الإشعاعية التي قامت بإصدار توصياتها لوضع مواصفات العمل في هذا المجال وتطويره بالتعاون مع غيرها من الهيئات الدولية مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية والأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية وقد لقي الإشعاع وتأثيراته وطرق الوقاية منه اهتمامات بالغة.

إن الإنسان يتعرض للإشعاع الذري في مواقع استخدامه في المستشفيات ومراكز البحوث المختلفة وفي بعض المصانع التي تستخدم النظائر المشعة كذلك يمكن أن يتعرض الإنسان للإشعاع عند حدوث تفجير نووي فوق سطح الأرض أو التعرض للأشعة الكونية خاصة في المناطق الجبلية المرتفعة وفي طائرات الكونكورد التي كانت تحلق في ارتفاعات شاهقة، وكذلك في سفن الفضاء.

كذلك يتعرض رواد الفضاء الذين يهبطون فوق سطح القمر لجرعات إشعاعية عالية، لذلك فهم يرتدون ملابس خاصة تقيهم من أخطار الإشعاع وتنبه العلماء لمرض سرطان الرئة الذي كان يصيب عمال مناجم اليورانيوم. وتبين أنه يرجع لاستنشاقهم لغاز الرادون المشع واتخذت التدابير للوقاية من هذا الخطر. أيضا ظهرت بعض حالات الإصابة بالسرطان لبعض العاملات بمصانع الساعات حيث كن يستخدمن الراديوم المشع في رسم العلامات المضيئة للساعات وبعد التعرف على خطره ألغي استخدام مادة الراديوم في هذا الغرض.

 
اتخذت العديد من التدابير والإجراءات لمواجهة المخاطر الناجمة عن التعرض للإشعاع ومنها ضرورة التنبيه إلى مناطق تواجد المصادر المشعة والإشارة إليها بكتابة لافتة “مناطق إشعاع” وينبه إلى خطورة الاقتراب منها. كما يجب وضع شارة التحذير بجوار المصدر المشع نفسه زيادة في الاحتياط وشارات التحذير قد يرمز لها برسم جمجمة أو جمجمة ومعها عظمتان تنبيها لخطر التعرض الزائد للإشعاع. كما يجب ذكر نوع الإشعاع الذي ينبعث من المصدر وقوته وتعليمات الوقاية الضرورية كتحديد المسافة بين المصدر والمشتغل والوقت الذي يمكن أن يقضيه الشخص بجوار ذلك المصدر دون التعرض لأي خطر.

 
يمكن تقليل كمية الإشعاع التي يتعرض لها الإنسان بعدة طرق:

1- التقليل من زمن التعرض للمصدر المشع وذلك بمراعاة البقاء لفترة قصيرة أثناء إجراء عمل ما بحيث يكون التعرض للإشعاع في الحدود المسموح بها.

2- زيادة المسافة بين الإنسان والمصدر المشع تقلل تأثير الإشعاع وتستخدم آلات ذات أيد ميكانيكية طويلة ذات تحكم أوتوماتيكي مثل التي تستخدم في معامل الكيمياء الإشعاعية والمعامل الحارة لإجراء بعض التجارب الكيميائية خاصة بالعناصر المشعة.

3- الحواجز الواقية من الإشعاع وهي عبارة عن ألواح من الرصاص أو الألمنيوم وتوضع بين المصدر المشع والمشتغل وسمك هذه الألواح يعتمد على نوع الإشعاع وقوته.

أشعة ألفا (ALPHA) وبيتا (BETA) هي أشعة مداها قصير وقليل النفاذ ويمكن حجزها بألواح رقيقة من الألمنيوم أو النحاس أو الخشب.

أما أشعة جاما (GAMA) وأشعة النيوترونات فهي أكثر خطورة لأن مداها طويل وشديدة النفاذ وهي تحتاج لألواح سميكة من الرصاص أو الخرسانة لحجزها.

 
وفي حالة النيوترونات قد تستخدم حواجز خاصة من مادة البرافين أو معدن الكادميوم.

والمعامل الحارة عبارة عن غرف ذات جدران سميكة من الخرسانة ولها واجهة زجاجية مدعمة بمادة الرصاص التي تحجز الإشعاع عن العاملين وهي مزودة بأيد ميكانيكية للإمساك بالعناصر المشعة كما يوجد ميكروسكوب يستخدم في فحص هذه العناصر من خلف الواجهة الزجاجية.

والمعامل الحارة تستخدم في عمل بعض التجارب والبحوث الخاصة بالعناصر المشعة في حفظ العناصر المشعة شديدة الإشعاع لتجنب أخطارها.

أما في المستشفيات والعيادات التي تستخدم الأشعة السينية فتستخدم ألواحا من الرصاص داخل الجدران المحيطة بجهاز توليد هذه الأشعة لتوفير وسائل الوقاية من أخطارها.

وفي طائرات الكونكورد التي كانت تحلق على ارتفاعات شاهقة يمكن أن يتعرض طاقمها لجرعات عالية من الأشعة الكونية لذلك كانت تزود هذه الطائرات بجهاز لقياس الإشعاع لإحاطة طاقم الطائرة بمستوى الإشعاع غير الآمن ليضطر القبطان بالهبوط بالطائرة إلى مستويات آمنة. كما يرتدي طاقم الطائرة ملابس خاصة لوقايتهم وتحدد ساعات زمنية للطيران وللحد من الجرعات الإشعاعية التي قد تعرضهم للخطر.

إن التعرض للإشعاع المقصود به تأثر الجسم بالإشعاع الصادر من مصدر الإشعاع الموجود بعيدا عن الشخص المتعرض. أما إذا وصلت المادة المشعة إلى داخل الجسم عن طريق الاستنشاق أو عن طريق الفم فيطلق على هذا “التلوث الإشعاعي” وهو قد يكون اكثر خطرا من التعرض الخارجي للإشعاع فبعض المواد المشعة شديدة الإشعاع وبعضها  شديد السمية ومثال لذلك البلوتونيوم فهو عنصر مشع شديد السمية وفترة نصف العمر له تبلغ 25 ألف سنة وجرام واحد منه يكفي لقتل مليون من البشر.

 
 
إن الوقاية من أخطار التلوث الإشعاعي يتطلب ارتداء ملابس واقية مثل المعطف والقفاز المصنوع من المطاط كما يجب ارتداء أغطية لحماية الرأس وأقنعة لحماية الأعين والفم وأغطية للأحذية. وهناك إرشادات للوقاية يجب أن يتبعها الباحثون والمشتغلون في المعامل الإشعاعية ومنها:

1- ضرورة حفظ المواد المشعة في أماكن آمنة.

2-عدم إدخال طعام أو شراب في المعمل.

3- حظر الأكل والشرب والتدخين في هذه المعامل.

4- عدم إدخال حقائب اليد وأدوات التجميل.

5- منع غلي أو تبخير المواد المشعة السائلة قبل أخذ الاحتياطات الضرورية لمنع استنشاق المواد المشعة وضرورة استخدام قناع ذي مرشحات وقائية.

6- ضرورة غسل الأيدي والأذرع بعد انتهاء العمل بالمواد المشعة.

7- ضرورة حمل الأفلام الحساسة أثناء العمل لتسجيل أي خطر إشعاعي قد يتعرض له المشتغل.

8- عدم تنظيف الملابس الملوثة مع الملابس غير الملوثة.

9- وجوب اخطار أخصائي الوقاية والسادة المسؤولين على وجه السرعة في حالة حدوث أي تلوث إشعاعي.

10- ترك المشتغلين في مناطق الإشعاع ملابسهم واختبار الأيدي والأرجل على أجهزة كشف الإشعاع قبل مغادرتهم عملهم.

كذلك لابد من وجود أخصائي وقاية في هذه المناطق لمراقبة المعامل والكشف عن أي تلوث وتحديد مكانة ونوع الإشعاع المنبعث منه وكميته. كما يجب أن يكون مزودا بالأجهزة الضرورية للقيام بعمله. كما يجب عليه عمل فحص دوري للمشتغلين لتأمين سلامتهم وتوفير الرعاية الطبية الكاملة.

11- ضرورة وجود أماكن نظيفة بعيدة عن المصادر المشعة مثل حجرات الطعام وقاعات المحاضرات ومكاتب الموظفين وحجرات تحميض الأفلام الحساسة.

12- تزويد بعض المعامل بمراوح للتخلص من بعض الغازات الضارة وأجهزة إنذار تصدر صوت أجراس للتنبيه بإخلاء المعامل عند ارتفاع درجة الإشعاع وأبواب هذه المعامل مزودة بلمبة تضاء أثناء فترة التشغيل. ومثال لهذه المعامل جهاز مولد النيوترونات والمعجلات النووية في مراكز البحوث النووية والمستشفيات.

عند حدوث كارثة إشعاعية فإن العلاج من الآثار الضارة للإشعاع يتلخص فيما يلي:

1- في حالة الجرعات الأقل من 200 ريم يمكن إعطاء دواء يمنع القيء ويعطي المريض جرعة من الكورتيزون في الوريد.

2- في حالة الجرعات من 200-1000 ريم يكون  الأمل في الشفاء ممكنا بالعناية المركزة بإعطاء المريض مضادات حيوية. وإذا كان عدد كرات الدم البيضاء أقل من 1000 في المليمتر المكعب لتخفف من تأثر المناعة الطبيعية للمريض ويستحسن نقل كرات دم وصفائح دموية له والعلاج بالمحاليل في حالة الإسهال وزراعة نخاع عظمي له في الحالات الحرجة.

أما في حالات الجرعات الأعلى من 2000 ريم فإن الأمل في الشفاء يكون مستحيلا بسبب تلف الجهاز الهضمي والعصبي وتصبح الوفاة مؤكدة.
 

 

 
***..–..***..–***
والله الموفق

2016-05-16

محمد الشودري

Mohamed CHAUDRI

 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.