الذكرى الأربعون للمسيرة الخضراء بخطاب ملكي من التاريخ وللتاريخ - بريس تطوان - أخبار تطوان

الذكرى الأربعون للمسيرة الخضراء بخطاب ملكي من التاريخ وللتاريخ

الذكرى الأربعون للمسيرة الخضراء بخطاب ملكي من التاريخ وللتاريخ
 

إطار الخطاب الملكي ودلالاته المختلفة:

ألقى جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الاربعين لحدث المسيرة الخضراء خطابا  رأته  وسمعته البشرية  بعيون وآذان التاريخ  على امتداد عهدين  عهد الصنع في زمن الحرب الباردة  وهذا استكماله في زمن العولمة ، وهو تأكيد للأجيال القادمة على أن الخطاب الملكي لذكرى هذه السنة يحمل معاني كثيرة و دلالات عميقة  منها :

إنه خطاب الصحراء من عمق أرض الصحراء، خطاب الفصل والارتباط بالأصل، خطاب إيقاف التشكيك بالمصداقية والوفاء بالعهد، خطاب تنزيل نورالفجر الجديد لصيانة الكرامة وتعميق الارتباط بالوطن، خطاب التأسيس لزمن جديد لتمكين أبناء الصحراء من المواطنة الكاملة والعيش الكريم، خطاب التصحيح التنموي والقطيعة مع الاساليب المعتمدة في التعامل مع شؤون الصحراء، خطاب الحصيلة وتغيير مقاربة التعامل بعقلية التمركز الإداري بعقلية النضج السياسي والتنموي، خطاب التمكين وتوطيد الوحدة الترابية والإندماج الكامل للأقاليم الجنوبية في الوطن الأم، خطاب تفعيل النموذج التنموي وتطبيق الجهوية المتقدمة، خطاب تمكين الأقاليم الجنوبية من الوسائل اللازمة لتدبير شؤونهم وإبراز قدراتهم في النهوض بتنمية المنطقة، إنه خطاب الفصل بين الخيانة والوطنية واستمرار النضال وتعزيز إشعاع الصحراء كمركز اقتصادي وصلة وصل بين المغرب وعمقه الافريقي، وخطاب الأمانة والمسؤولية أمام عقلاء العالم.

حمولة الخطاب الملكي:

يتضمن الخطاب الملكي رزماة  من الاوراش الكبرى و المشاريع المؤطرة لعملية تنزيل الجهوية المتقدمة بالأقاليم الجنوبية والمصاحبة بتعبئة الوسائل المتاحة لإ نجازاتها  الاجتماعية  منها والصحية والتعليمية بجهة العيون الساقية الحمراء، بالإضافة الى تقوية الشبكة الطرقية بالمنطقة بالمواصفات الدولية  وخلق محور للنقل الجوي نحو افريقيا وبناء خط  حديدي يربط طنجة بالكويرة واستكمال الخط السككي من مراكش إلى الكويرة  لربط المغرب بإفريقيا، وبناء الميناء الأطسي بالداخلة، وبناء المشاريع الكبرى للطاقة الشمسية والريحية، وربط الداخلة بالشبكة الكهربائية الوطنية، ومواصلة استثمار عائدات الثروات الطبيعية لفائدة ساكنة المنطقة باعتماد مقاربة التشاور والتنسيق، بالاضافة الى مشروع تحلية ماء البحر بمدينة الداخلة، وإقامة مناطق صناعية بالعيون والمرسى وبوجدور، وإحداث صندوق للتنمية  الاقتصادية لتطوير النسيج الاقتصادي ودعم المقاولات والإقتصاد الإجتماعي وتوفير الدخل القار وفرص الشغل والتركيز على الشباب الشيء الذي يفرض الإلتزام بمبادئ المساواة والعدالة الإجتماعية، مما يفرض وضع الإطار القانوني لتحفيز الإستثمار بشكل يوضح الرؤية للقطاع الخاص الوطني والأجنبي ويحدد شروط التنافسية للمساهمة في تنمية المنطقة، وتعزيز اليات الحفاظ على التراث الحسني الصحراوي بما يستوجبة من عناية…الخ

الإطار الحقوقي والقانوني ومنهجية العمل:

بالنسبة للجانب الحقوقي فقد تصدي المغرب للمناورات التي تمت بالتعبئة الجماعية والحكامة الأمنية والإنفتاح على فعاليات المجتمع المدني، وعمل المجلس الوطني لحقوق الانسان بما يتمتع به من استقلالية في الدفاع عن حقوق الإنسان بمنهج الحوار والتعاون مع السلطات العمومية والهيئات الجمعوية والمواطنين.

وتبقى منهجية العمل هي التمثيلية الديمقراطية والشعبية سواء تعلق الامر بالتمثيلية الوطنية أو الدولية. كما أن العمل في اطار الجهوية المتقدمة سيتم بعقود بين الدولة والجهات لتحديد التزامات الطرفين.

وبالنسبة للجانب القانوني فإن الأمر يتطلب الإسراع بتفعيل المقتضيات القانونية المتعلقة بنقل الإختصاصات من المركز لهذه الجهات وتحويل الكفاءات البشرية والموارد المالية اللازمة، وبلورة ميثاق حقيقي لعدم التمركز الإداري يحدد الصلاحيات الضرورية لتدبير شؤون الجهات وتمكين السكان عن طريق الحوار والتشاور من البرامج والانخراط في تنفيذها بما يستجيب لحاجياتهم.

الإلتزامات الدولية والوطنية:

يثبت المغرب دوليا بهذا الحدث الكبير وفاءه بالإلتزامات الدولية ولم يكتفي برفع شعارات فارغة، أما وطنيا فان وعد تطبيق الجهوية المتقدمة يبقى إرادة وقناعة راسخة للنهضة الشاملة شأنها في ذلك شأن باقي الوعود الأخرى كوعد صيانة الديمقراطية ووعد تنزيل النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية ووعد تحقيق الأمن والإستقرار ووعد جعل الصحراء المغربية مركزا للتبادل الحر ومحورا للتواصل الإفريقي.

مقارنة الوضع بالجزائر ومخيمات تندوف:

لا مجال للمقارنة فالوضع في تندوف يؤشر على أن الساكنة تقاسي الفقر واليأس والحرمان والخرق المنهجي لحقوق الانسان والإرتباط بالأساطير لتجنب الفضح للأسرار التي تصرف بها الملايين من الأورو وأيضا الملايير المخصصة للتسلح والدعاية والقمع الإنفصالي وهو ما يثبت الغنى الفاحش لزعماء الانفصال المتوفرين على عقارات وحسابات بنكية وأرصدة بنكية  بأوروبا وأمريكا اللاتينية في مقابل إبقاء الأوضاع بتندوف بدون تنمية علما ان عدد السكان يكفيهم ستة الاف سكن فقط لصون كرامتهم وهوما يعادل حي سكني بالجزائر العاصمة، وهذا يبعث على التساؤل عن قيمة الملايير المخصصة للتسلح والديبلوماسية ضد المغرب مقابل ترك سكان تندوف في وضع مأساوي، وهذا يطرح تساؤلا لساكنة تندوف، وإيقاظهم من نومهم، وهل هم راضون على وضعيتهم، وتحملهم للمسؤولية.

النتيجة الثابتة عبر التاريخ المغربي:

تاريخ المغرب عرف السيبة وصعوبات في بداية الاستقلال وغيرهما من المحطات الصعبة إلا انه دائما يتجاوزها ويخرج منها ويبقى قويا ومرفوع الرأس بفضل إيمان الشعب بوحدة مصيره وتشبته ودفاعه عن مقدساته ووحدة تراتبه وتلاحم العرش والشعب برباط متين.

الرهانات والتحديات والمسؤوليات:

تبقى الرغبة هي الخروج من النفق المسدود للنزاع المفتعل حول الوحدة الترابية بجدية مبادرة الحكم الذاتي كأقصى ما يمكن تقديمه، ولا يمكن الإقدام على أي تنازل آخر لكون المغرب أعطى كل شيء كما يرفض أية مغامرة غير محسوبة العواقب.

التصدي للحملات العدائية التي تستهدف المنتوجات الاقتصادية المغربية بنفس الروح والتضحية المبذولة في المجال السياسي والأمني دفاعا عن وحدته ومقدساته وليتحمل أصحاب القرارات مسؤولياتهم في مخالفتهم للقانون الدولي، فالمغرب دولة الشراكة والمقاولة والاستفادة من فرص الاستثمار ومن حقه فتح الباب بشأن الفرص التي سيتم إطلاقها بالمنطقة.

التأكيد على الصرامة والحزم لمواجهة كل المحاولات التي تستهدف التشكيك في الوضع القانوني للصحراء المغربية وفي ممارسة سلطاته كاملة على أرضه في أقاليمه الجنوبية كما في الشمال.

اليقظة ومضاعفة الجهود ومواصلة التعبئة للتعريف بعدالة قضية المغرب والتقدم الذي تعرفه البلاد والتصدي لمناورات الخصوم.

  

الختام:

وتبقى روح المسيرة الخضراء مستمرة بنفس النهج لتنمية الأقاليم الجنوبية والدفاع عن الوحدة الترابية وفاءا لروح مبدعها  المغفور له الملك الحسن الثاني ولأرواح شهداء الوطن الأبرار.

الدكتور أحمد الدرداري أستاذ بجامعة عبد المالك السعدي
ورئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.