لن آكل العلف بعد اليوم - بريس تطوان - أخبار تطوان

لن آكل العلف بعد اليوم

 
 
لن آكل العلف بعد اليوم
 
في خضم تمرير قانون مالية 2016، حيث الإعفاء ات الضريبية بالجملة، بين إعفاء %20 من الضريبة على القيمة المضافة لتشجيع الخطوط الملكية الجوية على اقتناء طائرات، وإعفاء مؤسسة لالة سلمى للوقاية من السرطان من الضرائب، ومنح كبار وأثرياء الفلاحين حق استرجاع الضريبة على القيمة المضافة.. وتمرير 2.4 مليار درهم للبلاط الملكي، ورفع ميزانية تسيير رئاسة الحكومة (حكومة التقشف) إلى 608 مليون درهم، في مقابل “تكديد” عظام الطبقتين المتوسطة والفقيرة وسحقها أكثر، بالتخاذل عن التأمين الصحي لطلبة الجامعات التي وعدتهم به الحكومة لهذا الموسم الدراسي، ورفع الضريبة على النقل في القطارات ما سيؤدي إلى رفع ثمن التذاكر..
 
 
في وسط إقبال برلمان القطيع على تمرير هذه الميزانية دون مناقشة ودون اعتراض في صمت، يقذف المجلس الوطني لحقوق الإنسان عبر الإعلام توصية عن المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة… والحقيقة أني لم أعتبر الأمر هذه المرة مصادفة، بل أصبحت أعتبر هذا النوع من التوصيات والأخبار المتعلقة بهوية الأغلبية المحافظة من المغاربة أشبه بالعلف، خاصة حين يتزامن من أخبار قرارات سياسية أو اقتصادية.. علّفوا دوك الأصوات المحافظة لخلق شوية ديال البلبلة وتشتيت الانتباه!
 
 
أنا هذه المرة لن أبلع العلف، ولن أتحدث في الأمر، لأن هذا الصراع بين الأغلبية المحافظة من المغاربة وتلك الجمعيات والأحزاب العلمانية المأجورة التي تموت حين يقطع عنها المخزن “الروبيني”.. أصبح يبدو بليدا، خاصة والكل يعلم أن لا أحد منا له يد في تلك القرارات، إنما هي بيد الملك. وإن كان من صراع حقيقي فهو صراع بين سلط الملك الدينية ورغبته في الانتفاح على السوق العالمي.
 
 
إذن فالصراع الحقيقي ليس صراعا شعبيا بما أن جمعيات المجتمع المدني في المغرب لا تمثل الشعب، والبرلمان المغربي لا يمثل الشعب.. ولا صوت للشعب في هذا الأمر.. إنما هو صراع بين الملك والغرب. وهو حر في قراره، إن أراد الحفاظ على إمارة المومنين والاستمرار في مواجهة الغرب بخطاباته حول الخصوصية المغربية هو حر، وإن شاء أن يفتح المغرب كليا على السوق العالمي ونصبح ملحقة أوروبية أو أمريكية ككوريا الجنوبية فهو حر في أن يتخلى عن سلطه الدينية ويفصل الدين عن الحكم ويعيد صياغة مدونة الأسرة اعتمادا على الأوامر الغربية.
 
أما إن كان الرأي الشعبي يشكل فرقا، وإن كان الضجيج الذي نحدثه كمحاظين مغاربة أمام تلك الاستفزازت فعلا تحدث أثرا وتبعد الغرب بعض الشيء، فما على الدولة إلى أن تمول جمعيات تمثل هوية هذا الشعب، وما على المخزن إلا أن يترك البرلمان المغربي يمثل المواطن المغربي، ويناقش ويمنع الغرب من التدخل في مدونة الأسرة، بالضبط كما حكى لنا أمناء أحزابنا عن برلمان السويد بعد زيارتهم الأخيرة، حين قالوا أن برلمانهم الذي يمثل رأي المجتمع المدني هو الذي يضغط على الحكومة السويدية للاعتراف بالجمهورية الصحراوية المزعومة، وأن الحكومة لا يمكن أن تعترض على ضغط الشعب. وطبعا المخزن لا يمكنه أن يترك لممثلي الشعب المغاربة هذه السلطة، وهذه الحرية في النقاش، لأنها نفس السلطة التي ستخول لهم مناقشة ميزانية البلاط وقانون مالية 2016! إيوا شفتو؟ هل من العدل تهييجنا كالقطيع للحفاظ على السلط الدينية، وإسكات ممثلينا لعدم مناقشة الميزانية؟
 
التركيز الحقيقي اليوم، ليس حول الإرث ولا حول مدونة الأسرة، التركيز يجب أن يكون حول برلماننا الميت كجثة متعفنة، وممثلي الشعب الكراكيز الذين يمررون قانون المالية وميزانية المؤسسات بنعم كالقطيع! متى ما استيقظ هذا البرلمان، سيكون لأمر النقاش في الهوية إسلامية أم علمانية، جدوى وهدف! أما الآن، فلن أبلع هذا العلف.
 
 
 
مايسة سلامة الناجي /بريس تطوان
 
 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.