تطوان: قضية الأستاذ الخنوسي..نهاية البداية - بريس تطوان - أخبار تطوان

تطوان: قضية الأستاذ الخنوسي..نهاية البداية

 
 
تطوان: قضية الأستاذ الخنوسي..نهاية البداية

 

  ويواصل الأستاذ الخنوسي سرده للوقائع قائلا: بعد بضعة أيام من مغادرة اللجنة المكونة من المفتشين الجهوييين، وصلتني وفي ساعة متأخرة من الليل مكالمة من أحد مساعدي السيد رئيس مصلحة الشؤون التربوية يطلب مني أن أحضر في الغد لمكتبه وأن لا أنسى حمل خاتم المؤسسة معي.

 

 ولدى وصولي في الغد لاحظت أن المفتشين المذكورين التحقوا بعدي، و أنهم توجهوا مباشرة عند رئيس المصلحة ثم عادوا للخروج بعد برهة قصيرة، وكأنما حضروا فقط ليسلموه وثيقة أو أمرا أو ليتأكدوا من تواجدي من عدمه.

 

 وبعدهم خرج الرئيس ليتوجه مباشرة إلى تحت الدرج، ليتفقد علبة الأرشيف التي جمعها مساعدوه من خارج مدرسة ابن خلدون، ثم سمعته ينادي مساعدا آخر ويقول له: “آلسي المصطفى، وا مشيتي لبن خلدون”، ومن غريب الصدف أن السي المصطفى ذاك كان يتواجد أمامي بالضبط في تلك اللحظة، الشيء الذي مكنني من قراءة ابتسامة ماكرة على وجهه ملفوفة بنظرة تشفي وازدراء إرضاء لرئيسه.

 

 و يستطرد الخنوسي “لما حان وقت العمل الجدي، استدعيت لمكتب الرئيس، وأجلست، عن يساري الإدريسي والصفار، وعن يميني السيد الرئيس الذي التحق فيما بعد، فطرح الإدريسي أمامي وثيقة وطلب مني ختمها بلهجة جافة، وتحت حراسته المشددة، ونظرات الآخرين المتفحصة”.

 

و يقول “لم يكن بتلك الوثيقة ما يدعو لكل تلك الإجراءات الاحترازية وكل تلك السلوكات الاستفزازية، كان يكفي وضعها في بريد المؤسسة لتنفيذ فحواها دون أي حرج. لم تكن سوى عبارة عن محضر تسلم كمية من الأرشيف المجرود بالأعداد، وقعتها بعد الاطلاع عليها دون أي إشكال. ولا زلت أذكر شعوري حينها بأن أعضاء تلك اللجنة كانوا يحسبون أنفاسي ويرصدون سكناتي وحركاتي، فكأنهم كانوا يتوقعون مني أن أنهار أمام تلك الوثيقة، أو أن أمتنع أو أن أتوسل. وقعتها وأنا أتساءل: أمن أجل هذا يزعجونني بمكالمة ليلية ويهينونني بأساليب لا إنسانية؟”.

 

 كل ما هناك أنني استلمت كما من أرشيف المؤسسة، فرطت فيه جهة مسؤولة قبلي تهورا أو قصدا، وقامت أستاذة لاحقا، وفي تحد لا يدع مجالا للشك، بأنها كانت مدفوعة، بطرحه خارج المدرسة. وذلك بعدما تم تنظيفه وترتيبه في مصلحة الشؤون التربوية، وأنا جد راض عن ذلك لما فيه من صون لصورة المؤسسة واعتبار لكرامتي، وواثق في نفس الوقت من نزاهة صنيعي الذي لو كنا إزاء إدارة تحترم نفسها وتحلل الوقائع تحليلا قانونيا بعيدا عن النعرات الانتقامية لحسب لي وليس علي.

 

 و يتابع “ثم واصلت عملي بشكل عادي، الى أن زارتني في مكتبي يوما إحدى النقابات. بداية حسبتها زيارة تودد أو تعبئة، إلا أنها سرعان ما أخبرتني أمام إحدى الأستاذات أن ملف الأرشيف لم يحفظ بعد في الأكاديمية، وأن إجراء إداريا بشأنه في طريقه إلي، وأنها تفضل أن لا أرد عليه قبل استشارتها. وفعلا لم يتأخر الإجراء المذكور طويلا، حيث كان عبارة عن استفسار، من مصلحة الموارد البشرية الأكاديمية، يطلب مني مدير الأكاديمية بواسطته أن أوافيه بما أراه مناسبا من وثائق قد تفيد في التخفيف من العقوبة التي حسم في قرار إنزالها بي، ومرة أخرى لم يسمح لي بتسلمه من مكتب الضبط وإنما أرغمت على تسلمه من مصلحة الشؤون التربوية مقابل توقيع وتعهد بالرد داخل أجل محدود”.

 

 لم يكن موضوع الاستفسار هو ما يشكل سبب إحراج واستفزاز سافر هذه المرة بقدر ما كان توجيهه، فلقد بات معروفا عند الجميع أن “خدعة الأرشيف كانت مدبرة ومحاكة ومبيتة”. بينما التوجيه الذي جاء في اسمي على النحو التالي: محمد الخنوسي، أستاذ التعليم الابتدائي، مدير مدرسة ابن خلدون، تعمد ارتكاب وتضمين خطأ جسيم في الإطار عن قصد يقول الخنوسي دائما.

 

مشيرا إلى أنه “ونظرا لأنني لم أجد أي تفسير أو مبرر آخر لهذا الخطأ المتعمد في تسمية الإطار، كون مصلحة الموارد البشرية بالأكاديمية كانت سلمتني منذ أكثر من سنة وثيقة الوضعية الإدارية التي تثبت أنني أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي، واللجنة التي على ضوء تقريرها حرر الاستفسار في علمها ذلك، والنيابة التي منها مرت المراسلة على علم هي الأخرى بدليل أنها هي التي سهرت على مسطرة تغيير الإطار، زيادة على ما سلمته و تسلمته مني من وثائق على امتداد أكثر من سنة أيضا، لم أجد له من معنى سوى أن جهة ما أقحمته عنوة لتوظيفه ثانية في صب الزيت على النار.

 

 فكنت مضطرا لتحرير مراسلة ثانية لمدير الأكاديمية إلى جانب المراسلة التي تحمل الرد على الاستفسار، أخبره بالخطأ الوارد في التسمية و أطلب منه بكل احترام تفادي ارتكاب نفس الخطأ لاحقا” يورد الخنوسي.

 

 و يضيف “لقد كان المعنى المستنبط كما الظاهر من سياق الاستفسار يوحي بأن تهمة إتلاف الأرشيف قد لفقت لي وألصقت بي بالقوة، وأن إعفائي بناء عليها بات أمرا محسوما، وأنني إذا لم أتصرف للتنبيه إلى التسمية المغلوطة قصدا فإن الجهة التي تقف وراء فبركة الملف برمته، ستستغلها كحجة علي لتعييني بعد الإعفاء في مدرسة ابتدائية، بعدما تكون قد قامت بإعفائي من الابتدائي بسبب عدم ملائمة الإطار. وهذا ما سيؤكده مجرى الأحداث فيما بعد.

 

 فأحرقت لها تلك الورقة الخبيثة قبل أن تلجأ إليها بواسطة المراسلة الثانية السالفة الذكر، الشيء الذي دفعها للتفكير في تخريجات بديلة أشد وأخبث للانتقام”.

 ويسترسل “كما كان متوقعا فقد وجدت لدى عودتي من عطلة منتصف الدورة الثانية مراسلة من مدير الأكاديمية بتاريخ 10/4/2013 موضوعها: إعفاء من مهام الإدارة التربوية نظرا لعدم ملائمة الإطار، إلى جانب مراسلة نيابية أخرى من نوع خطير تقول وبدون استحياء لا من الله ولا من عبده، ولا من الشجر ولا من الحجر ما يلي: لقد تبين أنكم قمتم فعلا بتغيير إطاركم إلا أن الإدارة لم تنتبه إلا الآن، رغم أنني دفعت شواهدي لنفس المصلحة الواردة منها المراسلة وبنفس النيابة، إضافة إلى واحدة أخرى تحدد أجندة لتسليم إدارة ابن خلدون وأخرى تطلب تحديد ثلاث مواد للتدريس، كما جاء على لسان الخنوسي دائما.

 

 ويكمل الخنوسي ساردا “ولقد كنت جاهزا في اليوم والساعة المحددين، إلا أن الملفت للنظر هو أن نفس المدير الذي تطرقنا لذكره في بداية سرد هذه الوقائع والذي خرب أرشيف مدرسة ابن خلدون على عهده، عاد من جديد يحمل المحضر رغم وجود لجنة ومفتش، ويشرف على عملية التسليم والتسلم بيني وبين مديرة مدرسة للا مريم التي تكلفت حتى نهاية الموسم.

 

 وبعد جرد وحساب السجلات والمعدات جاء دور الملفات فأسرع المدير المذكور بذكر عددها الذي ناهز الألفي ملف مرددا كلمة –موجودة- و وضع العلامة في الخانة المناسبة بخفة متناهية، دون أن يعطي فرصة للمديرة المتسلمة للاحتجاج كما أفتى علينا سابقا ولا حتى المعاينة”.

 

 “لقد حملها و ببرودة دم رهيبة مسؤولية ملفات ملقاة بالطابق الفوقي تحت الأنقاض دون علمها، مستغلا الثقة التي يضعها فيه المديرون بحكم كونه نائبا أولا لرئيس جمعيتهم والبريستيج الذي تخصه به النيابة لحاجة في نفسها، كما سبق أن فعل معي بالضبط. ولحسن حظ تلك المديرة فأن المؤسسة لم تشهد أية زيارة طارئة وإلا لكانت لقيت ما لقيته أنا من عقوبة وإعفاء” يتابع الخنوسي واصفا.

 

 و يُكمل الخنوسي “المهم هو أنه عرض زميلة له لخطر تهديد محتمل لوضعيتها لمدة أزيد من أربعة أشهر حماية لمصلحته الشخصية وتلك قمة الشهامة والزعامة والمسؤولية.

 

 إن علم النيابة المسبق بكارثة الأرشيف هو ما كان يجعلها دائما تتجنب إقحام المفتشين في أمره، ومواجهة المديرين بعضهم ببعض، حتى إذا ما كانت هناك خسائر فلن تكون إلا في صفوفهم.

 

ولا بد من الإشارة أن عملية التسليم تلك وضعت حدا لانتهاكات واستفزازات مصلحة الشؤون التربوية، ليبدأ مسلسل آخر من الخروقات من بطولة مصلحة الموارد البشرية هذه المرة.

 

 فخلال تلك المرحلة العصيبة بالضبط، عادت النقابة السالفة الذكر للدخول على الخط، وبعد أن عبرت لها عن تذمري واستنكاري لما تعرضت له من نصب واحتيال، وذكرتها بأنها شاهدة عيان في قضية الأرشيف وفي قضية من ألقاه خارج المؤسسة ، كون الأستاذة المعنية نفت أمامها أن تكون قد قالت للجنة المفتشين أن المدير هو من يتحمل المسؤولية، اقترحت علي تخريجة ذكية للتخفيف مؤقتا من وقع الصدمة، وامتصاص ولو لحين ما كان يغلي في كياني من استياء، حيث طلبت مني أن أتقدم بطلب تغيير الإطار من جديد من أستاذ إلى إداري. وفعلا انسقت وراءها ووضعت طلبي بالنيابة، إلا أن ذات الطلب لم يعرف أبدا طريقه إلى الأكاديمية بله الوزارة”.

 

 و يضيف الخنوسي “أخيرا التحقت بالنيابة ووضعت نفسي رهن إشارة النائب تنفيذا لتعليمات مدير الأكاديمية، ليمنحني المنصب الذي يلائم إطاري كما ورد في المراسلة الأكاديمية.

 

 فوضعت مصلحة الموارد البشرية رهن إشارتي ثلاث مؤسسات لأختار بينها ما يلائم، إعداديتين بتطوان وتأهيلية ببني حسان، وبحكم الظروف العائلية اخترت مضطرا إعدادية سيدي طلحة، التي فوجئت لدى التحاقي بها، أنها لا تعرف خصاصا وإنما شهادة طبية من سبعة أيام، كلفني النائب بعد نهايتها بإعدادية جماعة صدينة القروية.

 

 ونظرا لأنني سرعان ما اكتشفت أن هناك مناصب شاغرة بالثانوي التأهيلي بتطوان أخفتها النيابة عني، والسادة مدراء التأهيلي يعرفون ذلك، كما يعلمون جيدا أن من واجب الإدارة عند التعيين في بداية شهر ماي، أن تفعل ذلك بتنسيق مع مصلحة التخطيط و بناء على تحضير الخريطة للموسم القادم وليس بناء على بنية بداية الموسم المنصرم. فقد تقدمت بتظلم لمدير الأكاديمية، تعرضت فيه لكل ما مسني من تدابير تعسفية بدءا بعقوبة التوبيخ بسبب الأرشيف، إلى الإحالة على القسم و التعيين بالإعدادي، إلا أنه فوض للنيابة مسألة الرد علي، على شاكلة ما يسمى بإعلان “الحرب بالوكالة”، على حد وصف الخنوسي.

 

 و يتابع الخنوسي سرده للوقائع فيقول “فوصلت النيابة معي في ردها إلى حدود تهديدي بمتابعتي أمام المحكمة إن أنا واصلت المطالبة بمنصب بالثانوي التأهيلي. لتنفجر بعد ذلك قضية الفساد بالنيابة، والتي كانت وراءها فعاليات نقابية وجمعوية وحقوقية محلية ووطنية، وتناقلها الإعلام على نطاق واسع، نتج عنها شغور منصب مصلحة الموارد البشرية.

 وعند الدخول المدرسي 2013/2014، أبقت علي الإدارة في الإعدادي، مع العلم أنها كلفت أساتذة من الابتدائي لم يتغير بعد إطارهم في التأهيلي، ولكن وبالرغم من كل ذلك فقد بقي منصب شاغر بثانوية الشريف الإدريسي، علمت بأمره عبر مقال صحفي يتعرض لشكاية جمعية آباء المؤسسة بخصوصه، فتوجهت لمصلحة الموارد البشرية بالأكاديمية، وفي مكتب عبد النور سردت عليه فقرة من ردهم على تظلمي تقول ما مفاده أن الإدارة لا يمكنها أن تسند لي منصبا يستحقه غيري، لأسأله عن طبيعة هذا الغير الذي تقصده الإدارة، أم أنها كانت تتكلم عن أشخاص افتراضيين. حينها هاتف النيابة وسأل الحراق عن سبب عدم منحي المنصب الذي استحقه منذ البداية، فرد الحراق بأن السبب هو أن إسمي لا يوجد في لائحة أساتذة الثانوي التأهيلي، ولما سأله وكيف دبرت تغطية الخصاص في ثانوية الشريف الإدريسي رد بأنه استقدم له أستاذة للتعليم الاعدادي من جبل لحبيب”.

 

 ويواصل الخنوسي “عند نهاية 2014 قامت النيابة بتعميم مراسلة تدعو أطر الثانوي التأهيلي إلى اختيار خمس مؤسسات تأهيلية لتسوية وضعيتهم، فبادرت بملء المطبوع. وبعد تعيين رئيس مصلحة الموارد البشرية الجديد بالنيابة، طلبت مقابلته ووضعته في الصورة، وحين قلت له عن تعييني في الإعدادي رد علي في الحين: “تما قولبوك”، ـ على حد تعبيره ـ. ولكنني ترجمت له أملي في تصحيح واستدراك ذلك في إطار الإختيارات الخمس التي عبرت عنها أخيرا، ليرد علي في الحين أيضا أنه على النائب أن يحسم في ذلك قبل حلول أجل الحركة الانتقالية الوطنية.

 

 وبينما كنت أنتظر تسوية وضعيتي والاستجابة لواحدة من رغباتي التي كنت وضعت على رأسها اختيار تأهيلية الشريف الإدريسي لعلمي اليقين بشغور منصب بها، باغتني اقتطاع قدره 3500 درهم من أجرتي، راسلت وزرت بشأنه كلا من النيابة والأكاديمية دون جدوى، كما فاجئني إسناد منصب الشريف الإدريسي لإطار من خارج النيابة في الحركة الانتقالية الوطنية.

 

 وفي الوزارة علمت أن الإقتطاع يهم التعويضات عن المهام الإدارية وأنه لا يحسب من تاريخ إعفائي وإنما من يوم حصولي على الشهادة أي من 2009.

 

 إن عدم رد الوزارة على تظلماتي، وتبادل التهم بين المسؤولين بخصوص قضيتي، يدل بالواضح أن هناك جهة طبقت شريعة الغاب في حقي بينما وقفت جهة اخرى متفرجة عاجزة عن إنصافي.

 

 “وها أنا اليوم أعمل في سلك غير سلكي قهرا، وأدرس مادة غير مادة تخصصي الذي هو القانون والاقتصاد غصبا، وأواجه حصارا وتضييقا على معيش ودراسة أبنائي عبر سرقة تعويضات عن مهام قمت بها بكل صدق وأمانه قدرها 3500 درهم شهريا من أجرتي نهارا جهارا ظلما وعدوانا”.

 

يصف الخنوسي وضعه المادي و الاجتماعي و قبلهما النفسي الذي يعانيه جراء ما تعرض له’ ويبقى السؤال المطروح هل الخنوسي وحده الذي يتجرع مرارة هذا الوضع المزري أم أن الخنوسي ما هو نقطة في واد من واقع تعليمي لم يعد خافيا على أحد ما يعرفه من أزمات مردها الى ارتجالية التسيير والتدبير التي ليس الخنوسي إلا واحدا من ضحاياها الذين يعانون في صمت.

 

 

 يوسف الحايك/بريس تطوان
 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.