الحب في ميزان المراهقين - بريس تطوان - أخبار تطوان

الحب في ميزان المراهقين

الحب في ميزان المراهقين
 
 

 
الحب.. كلمة تذوب معها القلوب وتهيم بها النفوس، وقد تحولت هذه الكلمة بكل أسفٍ إلى شيء آخر بعيدًا كل البعد عن معناها الراقي، أصبحت نظرات وخطوات ولقاءات وفي النهاية ضياع.   
وعندما دخلت تلك الكلمة عالم المراهقين ضاع بسببها فتيات خسروا مشاعرهن الرقيقة وأشياء أخرى، وتخلَّى بسببها أولادٌ عن أهدافٍ أخرى أجلَّ وأعظم فتاهوا في غياهبِ الحياة.
حصروا الحب بين وردةٍ حمراء ودُمَى ملونة وقلبين يخترقهما سهم! واختلاس اللقاء والكلام المعسول واهمال الدراسة وضياع للمستقبل، فقد زادت في الآونة الأخيرة بصورةٍ ملحوظةٍ العلاقاتُ غير المشروعة بين أولاد المدارس خاصةً الإعدادية والثانوية، وهذه دعوة لكل أسرةٍ لديها أبناء وبنات في سن المراهقة لحمايةِ أولادهم لئلا يندفعوا في عواطفهم وينجرفوا وراء حبٍّ وهمي تضيع معه أشياء جميلة ولا يفيد الندم بعد فوات الأوان.
  ان زيادةَ أعداد تلميذات المدرسة اللاتي يعقدن علاقاتٍ خاطئة مع تلاميذ المدارس الأخرى، ونرى أن هذه الظاهرة تفشَّت بصورةٍ مخزيةٍ تستوجب حملةً مكثفةً من الداعيات بالمساجد لاستيعابهن والأخذ بأيديهن إلى طريق العفة والطهارة.
وهذه قصة حزينة ارويها لكم ،بلسان أحد المرهقات فتقول: تعرفتُ بنت على ولدٍ من المدرسة الثانوية المقابلة لنا؛ حيث ينتظر الأولادُ البناتِ، وقد حاول أن يكلمها أكثر من مرةٍ ولم تعره أي اهتمامٍ رغم فضولها في سماع كلامه والتحدث معه ولكن رغبتها في الحفاظ على نفسها ومشاعرها كانت أقوى، خاصةً أنَّ معظمَ البنات من حولها يتعذبن بنار الحب ولوعة الفراق، ولكن للأسف انهارت مقاومتها مع إصراره على التعرف عليَّها، وإلى أن قالت لها إحدى صديقاتها إنه يجب ألا أستمرَّ في هذا العناد حتى لا ينصرف عنها، وإنه من الطبيعي أن تتعرف على أولاد لكي تعرف كيف يفكرون ولن تكون العلاقة أكثر من صداقة عادية.  
وان ما حدث ما كنتُ تخشاه ووقعتُ في غرامه حتى أصبحت لا تقوى على فراقه، وكانت تتظر اليوم الدراسي بفارغ الصبر لا لأنها مجتهدة وأحبت العلم كما كانت ولكن لكي تخرج معه وانزلقتُ في هوةٍ سحيقةٍ من الأخطاءِ والآثامِ وبعد أن فتحت الباب على مصراعيه لحبها ومشاعرها وسلمتها له أفقتُ على صدمةٍ هزَّت كيانها بعد أن تركنها دون أن يُوضِّح لها السبب والذي عرفته فيما بعد من أحد أصدقائه أنه ملَّ من علاقتها وتساهلها معه، ولا تستطيع أن تصف الان مدى الهوان الذي شعرتُ به والندم الذي اجتاح كيانها ولكن بعد ضياع كل شيء.
و قصة أخرىلمراهقة تعلمت سرقة من أجل الحب فتقول : لقد أصبحتُ أكذب على أهلي كي أتمكَّن من الخروج ومقابلة مَن تعرفتُ عليه، وجمع بيننا الحب، ولم يكن الكذب فقط هو ما أوصلتني إليه تلك العلاقة إنما جعلتني أمد يدي إلى نقود أمي وإخوتي كي أُعطيها لفتاي والذي بدأت معرفتي به عند إحدى صديقاتي؛ فهو صديقٌ لأخيها، وتبادلنا نظرات الإعجاب من أول لحظةٍ وسرعان ما تطوَّر الإعجاب إلى حبٍّ اكتوينا به رغم عدم معرفتنا لمصيره فهو لم يكمل عامه الثامن عشر وأنا ما زلت في المرحلة الثانوية.
  وزادت لقاءاتنا بعيدًا عن رقابةِ الأهل وزاد اختفاء الأشياء من المنزل دون أن ينتبه أحدٌ، فكلٌّ له حياته الخاصة، ولا نكاد نرى بعضنا البعض إلا في المناسبات والأعياد، ولا أعرف كيف انحدرت إلى هذه الحفرة العميقة من سوء الأخلاق، ولا أستطيع التفكير في كيفيةِ الخلاص من هذا المأزق، خاصةً أننا نحلم بالزواج بعد انتهائه من الدراسة وتحسن ظروفه المادية وأنا أنتظر!!
وتساعد وسائل الإعلام بشكلٍ أكبر في إزكاءِ لهيب هذا المفهوم لدى المراهقين والشباب بإعداد جيشٍ من الأغاني والأفلام، وكل ما من شأنه إلهاب المشاعر والعواطف، وإذا نظرنا إلى تحليل نفسية المراهق وجدنا أنه سن اندفاع العواطف وأخلاق الفرسان، وقد يقع المراهق في الحبِّ بإخلاصٍ وتفانٍ وعطاءٍ ووفاءٍ للعهد، ولكنه يكون في حيرةٍ من أمره، ولا يدري إلى أين سيصل به هذا الحب؟
فمن النادر أن ينتهي حب المراهقة بالزواج، فهو حب طائش وعابر، ويغلب أن يمر بسرعة ليصبح ذكرى جميلة تداعب ذاكرة الفرد في المستقبل من حين لآخر.
يعتقد البعض أن من لا يمر بحب المراهقة، لن يتمتع بحالة نضج عاطفي وجنسي سويٍّ في المستقبل، في حين يصرّ آخرون أن من يعش تجربة حب في المراهقة، يغلب أن يتجاوز أهم سني تحصيله العلمي بصورة غير مستقرة تضرّ بمستقبله الدراسي والمهني.
فحب المراهقة لا يحكمه العقل بل تحكمهاالعواطف، لذا سرعان ما ينهار مع تقدم الشاب والشابة باتجاه سني النضج، في حين يؤكدالبعض أن الحب في المراهقة أسمى أنواع الحب،  وأكثرها خلوداً وإثارة للمشاعر الجميلة في ذاكرة الفرد.
ننصح كل فتاة ألا تُضحي بسمعتها وشرفها من أجل كلماتٍ معسولة يذهب بريقها بمجرد تسليم قلبها لمَن أراده، ومشاعر الإنسان وعواطفه هي أغلى ما عنده فلا تُعرضيها للبيع بسعرٍ رخيص، وعلى كل فتاةٍ أن تحفظ مشاعرها واحترامها لنفسها وتصون كنزها الغالي لمَن يستحقه.
 
 
إعداد : محسن أيت أحمد
[email protected]
بريس تطوان

 
 

 
 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.