العولمة وخصوصية الهوية الوطنية المغربية - بريس تطوان - أخبار تطوان

العولمة وخصوصية الهوية الوطنية المغربية

العولمة وخصوصية الهوية الوطنية المغربية

بقلم: عادل تولة

 

تعد العولمة تنميطا لخصوصيات البلدان تبعا لنموذج أوحد محاولة قولبة العالم وفق قالب خاص الذي تعتبره البلد المنتجة له النموذج الأصلح والهوية المختارة لثقافة الشعوب ولتربية أجيالهم، بينما تعتبرها البلدان المستقبلة لها خطر يهدد هوياتها الوطنية وخصوصياتها الثقافية، والهوية الوطنية المغربية من الهويات التي بدأت تقتحمها العولمة بمجموعة من أشكالها ومظاهرها.

والهوية الوطنية المغربية هي هوية تمزج بين الدين الإسلامي والقومية العربية والثقافة الأمازيغية والحسانية وكذا التراث الأندلسي.

وتتجلى معظم مظاهر العولمة غالبا في تغيير أنماط العيش كظهور ثقافات جديدة وألوان موسيقية جديدة (كالراب والهيب هوب …) وإتباع أنماط غذائية من خلال المطاعم الأمريكية كماكدونالز وبيتزاهوت والكينطاكي، وغزو نماذج موحدة للمشروبات الغازية والمنشطة كنماذج لكوكاكولا وبيبسي وريدبول ..، كذلك من خلال تقلص سن الجيل من 30 سنة إلى ما بين 10 و 20 سنة ، كذلك إتباع الشباب والشابات لآخر صيحات الموضة ولآخر تسريحات الشعر التي يُرَوّج لها من خلال الرياضات العالمية (كرة القدم، كرة السلة، التنس …) ومن خلال كافة وسائل الإعلام بما في ذلك حتى الرسوم المتحركة التي يشاهدها أطفالنا تحمل في طياتنا رسائل لثقافات مغايرة، وأيضا تم التسويق لنماذج الأسرة في نموذج الأسرة النووية.

هذه الهوية التي بدأت تتأثر بالعولمة التي تجتاح العالم خاصة البلدان السائرة نحو النمو التي تؤدي ضريبة التنمية والهروب من الفقر والمجاعات مقابل فقدان الهوية، فما هي تأثيرات العولمة على هويتنا وثقافتنا ؟

إن تأثيرات العولمة على خصوصيات الهوية الوطنية المغربية تتجلى في التغير الاجتماعي السريع الذي عاشته بلادنا، كذلك ما تعانيه اللغة العربية حاليا من تهديد خارجي وداخلي؛ خارجي يظهر في البلدان الأجنبية قلما نجدها تستعمل العربية، وداخلي في البلدان العربية بل في المغرب نجدها في تدهور خصوصا وأننا نعيش في هذه السنوات هجوما فرنكفونيا وأنجلوساكسونيا من أجل إيقاف التدريس بالعربية وهذا يهدد لغتنا الام التي أكتب لكم بها هذا الموضوع، إضافة إلى وجود اللغة الأمازيغية المنصوص عليها دستورا والتي مازالت تبحث عن مكانها ويهتم بتطويرها وتوحيدها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، فبالتالي فقدان اللغة هو فقدان للهوية.

كما نجد من بين أخطر تهديدات العولمة لخصوصيتنا المغربية هو التهديد الموجه إلى قمع الدين الإسلامي عن طريق التسويق له بأنه “إرهاب” وقتل وعنف عكس ما يشير له الإسلام دين السلام والتسامح، فنجد نسبة التدين بدأت تختل في المغرب خصوصا لدى الفئة العمرية الشابة وهي الفئة الأكثر تأثرا بالعولمة، وما نشاهده اليوم من لباس وأزياء مختلفة أحيانا تخالف الأخلاق العامة والحياء هو دليل على التأثر، كذلك ظهور فئات وحركات هي نسخ لفئات ونماذج أمريكية يعاد إنتاجها بالمغرب كنموذج الهاردروك لعبدة الشيطان (لباس خاص، الميل إلى السواد، الزنا، الشذوذ الجنسي، اللواط، السحاق، الزنا بالمحارم، الإدمان على المخدرات، إباحة القتل..) وكنموذج أيضا لحركة مالي التي نتفق معها في الدفاع عن الحريات الفردية ونختلف معهم عن كيفية استغلال الحريات الفردية والتي أفطرت يوم الصيام علنا وأباحت جنس الشواذ وتبادل القبلات في الشارع العام ..، هذا على مستوى القومية العربية والدين الإسلامي والفئات.

أما على مستوى الأسرة كنماذج العولمة نجدها داخل كل بيت وكل أسرة، بداية من أنماط الزواج مرورا إلى تحديد النسل والتوجه نحو الأسرة النووية (أم وأب وطفل أو طفلة) وصولا إلى نموذج التربية، والتنشئة على المنهاج الصحيح اندثرت شيئا ما وأصبحت الحضانات هي من تهتم بالأطفال فتجد الأم أو الأب يلتقي طفله أو طفلته بعد يومين أو ثلاث أو أسبوع، فالأم والأب بدؤوا يتخلون على دورهم التربوي، وفي الأسرة دائما كنا نتحدث عن التكافل والتضامن الأسري، هذه القيمة أو هذه القيم تتجه نحو الزوال وبالأساس عندما نتحدث عن رعاية الآباء والأمهات والمسنين والعجزة فلم تعد العديد من أسرنا تتكلف بمسنيها وعجزتها وخير دليل الاكتظاظ الذي تعرفه مؤسسات الرعاية الاجتماعية الخاصة بإيواء المسنين ودور العجزة …

فمن خلال التأثيرات السالفة الذكر على هويتنا وثقافتنا المغربية وجبت ضرورة إيجاد سبل للوقاية من تأثيرات العولمة ومن مخاطرها على هويتنا، ففرنسا كانت قد منعت في وقت ماضي التأشير لدخول المنتوجات الأمريكية خصوصا بعد اجتياح هذه الأخيرة لفرنسا وظهور عينات ونماذج للشباب هم في الأصل فرنسيين ولكن بثقافة ومظهر أمريكيين، فنرى من الضروري العودة إلى تعاليم الدين السمحة فإنها مليئة بالقيم والعبر والمواعظ، وإجبارية التركيز على المنظومة التربوية لأن وظيفتها تربوية أكثر من تعليمية، وتوجيه كل مؤسسات التنشئة الاجتماعية في علاقتها بالأجيال المقبلة أن تقحم الهوية والثقافة والخصوصية المغربية ضمن برامجها، ضمن تفاعلاتها وضمن علاقاتها مع الناشئة، وأن توجه بالأساس العناية بالأسرة التي فقدت العديد من أدوارها في الوقت الراهن.
 
 

 
 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.