اختــــراع العجلــــة لمعـــالجة الاحتكــاك - بريس تطوان - أخبار تطوان

اختــــراع العجلــــة لمعـــالجة الاحتكــاك

 

 

 

 
اختــــراع العجلــــة لمعـــالجة الاحتكــاك

 

 
 

 

أقدم عجلة عثر عليها إلى غاية اليوم في سلوفينيا سنة 2002م من طرف Dr.Anton Veluscek والتي صنعت حوالي 3.000 سنة ق.م. أما العجلة بصفة عامة، وحسب المؤرخين لا يعرف مخترعها، وقد تطورت صناعتها من 5.000 سنة ق.م في بلاد ما بين النهرين [العراق] Mesopotamia.

 

 
 

 

من الاختراعات القديمة التي كان لها شأن في الحياة الإنسانية عميق، لا يضاهيه إلا اختراع القلاع والأشرعة للسفن، وربما كان اختراع العجلة أكبر خطرا. فالعجلة مكـَّنت للإنسان، في أمر النقل وحده، من النقل على الأرض واختراق القارات، والشراع مكـّن للإنسان من التنقل في البحر وعبور المحيطات.

 

 

 

والعجلة لم تخفف الاحتكاك الذي هو خصيم الحركة، ولكنها خففته  إلى أقصى درجة.

وللتفرقة بينهما اذهب إلى كراج سيارات، أو إلى بائع عجلات ذات إطارات من المطاط، واختر واحدة منها، وقفها رأسية على أرض من بلاط، وقف عند مقدمتها وامسك بها من أقرب نقطة من إطارها، وحاول أن تجرها سحبا على الأرض.

إنك تحس بالحاجة إلى قوة غير صغيرة لتحركها جرا وسحبا، لتتغلب على “احتكاك الجر”، “احتكاك السحب”.

ثم عد إلى نفس العجلة، وقفها رأسية. ومن نقطة عند خلفها زجها بيدك إلى الأمام لتدحرجها.

إنك تحس بالحاجة إلى قوة ولكنها أصغر كثيرا من قوة تحريكها جرا وسحبا. إنك هنا تريد أن تتغلب على “احتكاك الدحرجة”. وهذا هو النصر الكبير في اختراع العجلة.

 

 

ولا تنس أن هنا أيضا لا تستغني العجلة عن الاحتكاك لتتحرك دحرجة. واذكر أن عجلات السيارات في الطريق الوحل قد تدور ولكن لا تتقدم، لأن الوحل منعها من احتكاك.

 

 

 

 

كان النقل في عهد القدماء، كالمصريين مثلا، يحملون الأثقال على مزالق، يدفعونها بأثقالها على الأرض ويسهلون انزلاقها عليها بالماء يصبونه من تحتها. والظاهر أنهم نقلوا أحجار الهرم العظيمة الثقيلة من جبل المقطم عبر النيل إلى حيث الهرم الآن. ومن هذه الأحجار ما بلغ وزنه عددا من الأطنان كبيرا.

ثم لابد خطر لهم أن يستخدموا جذوع الشجر بعد أن صنعوا منها اسطوانات هندسية، فيضعوها تحت هذه المزالق المستوية، وإذن هم يزجون بها فوق الأسطوانات فتسير دحرجة.

 

 

 
 

 
 

 ثم جاءت فكرة العجلتين تلحقان بطرفي هذه الأسطوانة، وتكونان مثبتتين بها فهما بعضها. وكانت العجلة صفحة من خشب مستديرة لا خروق فيها. ثم خلخلوها، فصارت أشعة تنتهي إلى إطار في خارجها، تلتقي عند شيء كالبطيخة في أوسطها، يدخله طرف محور، نجد في طرفه الآخر عجلة مثل هذه تماما مرتبطة به. إنها العجلة كما نعرفها اليوم.

 
 

 

وبهذا تمت الفكرة.

ثم نالها على الزمان التحسين.

والعجلات اليوم هي عماد المكنات، التي هي عماد الصناعات، فهي ليست للتنقل والحركة على سطح الأرض ولا شيء غير هذا.

 

 

والاحتكاك يتولد من الهواء، يحس به كل عداء.

والاحتكاك يكون في الماء، يحس به كل سابح.

والسمك انسابت أشكاله لحكمة، هي تقليل الاحتكاك الذي يجده وهو يسبح في الماء. إنه يخترقه اختراق السيف.

 
 

 

وكذا الطير.

والطائرات بنوها مستوحين بشكلها شكل الطير تجنبا لاحتكاك الهواء.

نعم، غاب عن الفضاء احتكاك.

وقضى بضرورة غيابه المنطق البسيط.

 

 

إن الاحتكاك خصيم الحركة، والكواكب أرادها الله كونية سرمدية، فقد وجب إذن أن تعفى من احتكاك يظل يأكل من حركتها الدائرية حتى يسقط كل، على كل ما يدور حوله من جرم.

إذن لسقط القمر إلى الأرض.

وإذن لسقطت الأرض والزهرة وعطارد والمريخ، وسائر الكواكب إلى الشمس.

ونرى هذا في الأقمار الاصطناعية، فهي إنما تدور حول الأرض بتأثير قوتين، القوة المركزية الطاردة لها عن الأرض وتستمدها من سرعة دورانها عند ارتفاع لها من الأرض معلوم، ثم قوة جاذبية الأرض لهذه الأقمار، فهذه القوة تدفع القمر إلى الأرض. وتتساوى القوتان فيظل القمر الاصطناعي يدور في فلكه.

ولكن لقرب أفلاك الأقمار الاصطناعية من الأرض لم تتخلص هذه الأقمار الاصطناعية من الاحتكاك تماما. فلا يزال عند تلك الأبعاد من الأرض مقادير من الغاز، قليلة جدا نعم، وتسبب احتكاكا قليلا جدا نعم، ولكنه على السنين يتراكم مفعوله فيقلل من سرعة دوران القمر الاصطناعي. ومعنى هذا اقترابه بالتدرج من الأرض. وكلما اقترب زاد الاحتكاك بزيادة الغاز. وهلم جرا.

وأخيرا هو يهبط إلى الأرض.

ولقد هبط إلى الأرض من الأقمار الاصطناعية التي أطلقت في أوائل عهد الإنسان بالفضاء، وبعد سنوات من الدوران، ما هبط.

والقمر الطبيعي، قمر الله لم يهبط.

ويدل هذا على اكتمال الفراغ هناك،  أو ما يشبه اكتماله. فإن لم يكن مكتملا فهو لاشك واقع، ولو بعد مليون عام. سنة الله التي جرت في الخلق، وتجري.

ونجمل القول فنقول:

في الأرض  خشونة في سطح الأشياء، تسبب احتكاكا، وهي الغالبة.

وفي الأرض نعومة، كنعومة الزيت والماء، وهي غير كاملة وهي نادرة.

والخشونة، على كراهة اسمها، هي بعض الحياة، لولاها ما استقام عيش إنسان في منزل أو طريق.

والنعومة، التي بها خراب العيش على الأرض، بها عمار الدنيا خارج هذه الأرض، فلولاها لتهدم نظام الشمس وتهاوت الكواكب، ولحقت الأرض بالشمس فاحترقت.

والله الموفق 

14/03/2014

محمد الشودري

 
 
 

 
 
 
 
 

 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.